منذ سنوات طويلة مضت عاش في اليونان حاكم اسمه أركياس، اشتهر بأنانيته، وكان يعيش لملذاته فحسب ولا يهتم باحتياجات شعبه على الإطلاق. كرهه الكثيرون، وفي النهاية تآمر البعض لقتله.
لم يعلم أركياس شيئًا عن المؤامرة، لكن صديق له في مدينة بعيدة علم به. وعلى الفور أمسك الصديق قلمه وكتب له رسالة تحذير من الخطر المحدق به، مشيرًا عليه بطريق للهرب بحياته. وسريعًا أرسل بمرسال يحمل الرسالة الحيوية.
كان أركياس مشغولاً في الاحتفال بأحد الأعياد الكبرى لما وصله المرسال. لكن، لما كان قد أتى بالرسالة من بعيد قائلاً إنها في منتهى الخطورة، فقد سُمح له أن يدخل إلى محضر الملك.
بمجرد دخوله قال للملك: "سيدي.. صديقك يرجوك بشدة أن تقرأ هذه الرسالة فورًا، لأنها تتكلم عن أمور هامة جدًا". لم يكن لدى أركياس رغبة في القراءة إذ كان غارقًا في ملذاته منتشيًا بالخمر. وإذ لم يخمن ما بها، ألقاها جانبًا وهو يقهقه قائلاً: "الأشياء المهمة غدً.. الأشياء المهمة غدًا"! وعاد إلى ملاهيه مرة أخرى.
يا للبائس! فإن غده لم يأتِ. لم يُعطِه أحد أي تحذير آخر. ولقد انتهت أمسية الفرح بنهاية مفجعة، فلقد قتله الذين تآمروا عليه قبل أن ينتهي العيد.
كثيرون يجرون وراء ملذاتهم، ويؤجِّلون أهم ما يجب أن يهتموا به: مصيرهم الأبدي. ولعل بعضهم يقولون كما قال أركياس "الأمور الهامة غدًا". ولكن غدًا لا يأتي أبدً.
هل تذكر ما حدث لواحد انصرف لمعيشته ومكاسبه وملذاته قائلاً لنفسه «يا نفسُ: لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة. استريحي وكُلي واشربي وافرحي. فقال له الله: يا غبي؛ هذه الليلة تُطلب نفسك منك، فهذه التي أعددتها لمن تكون» (لوقا12: 19 ،20). لقد كانت ليلته الأخيرة على الأرض.
ماذا عنك يا صديقي.. هل تؤجل الأمور الهامة للغد، أم قد أعددت العدة للغد إذ نلت خلاصك بالإيمان بالمسيح؟