نعلم من الكتاب المقدس الذي هو كلمة الله أن الإنسان الأول آدم hدخل الخطية إلى العالم (تكوين3؛ رومية5: 12). وبناء على قانون الوراثة لا يمكن للكائن الحي أن يلد كائنًا مختلفًا عنه. لذا فمن الطبيعي والمؤكد أن يكون جميع البشر بطبيعتهم مثل آدم. ويقول داود في مزمور 51: 5 «هأنذا بالإثم صُورت وبالخطية حبلت بي أمي» لذلك فكل إنسان بالطبيعة خاطئ ووارث الخطية من آدم وكل إنسان أيضًا بأعماله وأفعاله خاطئ. ويقرر الكتاب المقدس أن «الكل قد زاغوا معًا فسدوا. ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد»(مزمور14: 3، 53: 3؛ رومية3: 12)
وقد يسأل سائل ما هي الخطية؟ : والآن تعالوا إلى كلمة الله لنعرف الإجابة :
- «فكر الحماقة خطية» (أمثال42: 9)
- «من قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم» (متي5: 22)
- «فمن يعرف أن يعمل حسنًا ولا يعمل فذلك خطية له» (يعقوب4: 71).
وأكثر من ذلك فإن الأعمال الصالحة التي يقدمها الإنسان الخاطئ إلى الله هي في نظر الله نجاسة ونفهم ذلك عندما نقرأ في إشعياء64: 6 «وقد صرنا كلنا كنجس وكثوب عِدَّة (أي شديد النجاسة) كل أعمال برنا». ولا يستطيع الخاطئ أن يقاوم الخطية بل يفقد كل مقاومة ويصير مثل ورقة شجر ذابلة خفيفة تحملها الريح. فالذي يفعل الخطية هو عبد للخطية لذلك يستكمل إشعياء الآية قائلًا «وقد ذبلنا كورقة وآثامنا كريح تحملنا».
وهذا يقودنا إلى السؤال : ما هى أجرة الخطية؟ إن الكتاب لا يعلمنا أن أجرة الخطية هي صوم أو صلاة أو صدقة أو أعمال صالحة لكن «أجرة الخطية هي موت» (رومية6: 23).
وأية خطية موّجهة أساسًا إلى الله فقد قال يوسف عندما عُرضت عليه الخطية «فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله» (تكوين39: 9). وهنا قد يعترض أحدنا قائلًا إن الرب رحيم ورؤوف، وممكن أن يغفر الخطية. وهذا صحيح من جانب. ولكن اسمع ماذا يقول الكتاب المقدس «الرب إله رحيم ورؤوف ... ولكنه لن يُبرئ إبراءً» (خروج34: 6، 7).
لماذا؟ لأنه أيضًا عادل وبار ورحمته تساوي عدله تمامًا لذا فإن الطريق الوحيد للحصول على غفران لخطايانا مع الأخذ في الاعتبار قداسة الله وعدله هو البحث عن شخص فادٍ، (كلمة فادي تعني مَنْ يدفع شيئًا لينقذ شخصًا) يستطيع أن يقوم بدفع أجرة وعقوبة خطايانا، وبالطبع ليس أمام العدل الإلهي مانع إذا قَبِل هذا الشخص القيام بهذه المهمة، وإذا توافرت فيه شروط معينة.
ما هي شروط الفادي؟
1 - ألا يكون هذا الفادي أقل من الإنسان المطلوب فداؤه بل على الأقل يكون مساويًا له ومن نفس جنسه لكي يستطيع أن يكون نائبًا عنه أمام الله. لذلك لا تصلح الذبائح الحيوانية والتي كانت تقدم قبل تجسد الرب يسوع والتي كان من ضمن أغراض تقديمها اعلان الله للخاطئ ما يستحقه من موت وحرق عقوبةً لخطيته.
2 - أن يكون هذا الفادي خاليًا تمامًا من الخطية أي ليس فيه خطية.
3 - أن يكون هذا الفادي معصومًا من الخطية أي لم يعمل خطية مطلقًا.
4 - حيث أن هذا الفادي ليس فاديًا لإنسان واحد بل لكثيرين جدًّا فيجب أن تكون قيمته أكبر منهم جميعًا.
5 - يجب أن يكون هذا الفادي غير مخلوق. فلو كان مخلوقًا لا يحق له تقديم نفسه لأنه كمخلوق هو ملك الله خالقه.
6 - يجب أن يكون هذا الفادي شخصًا غير محدود ليستطيع أن يكون نائبًا عنا أمام الله غير المحدود ولكي يعوّض الله غير المحدود عن الإهانة التي لحقت به بسبب الخطية.
7 - يجب أن يكون هذا الفادي شخصًا عظيمًا جدًّا مساويًا ومعادلًا لله، وأن يكون في نفس الوقت معادلًا للناس ليستطيع أن يصالح الإنسان مع الله.
دعونا نقول مع كاتب المزمور «الأخ لن يفدي الإنسان فداء (لأنه لا تنطبق عليه الشروط السابقة) ولا يعطي الله كفارة عنه. وكريمة هي فدية نفوسهم (أي ثمينة وغالية جدًّا) فغلقت إلى الدهر (أي ليست في متناول الأيدي)» (مزمور49: 7، 8) وأيوب بحث عن هذا الفادي لكي يصالحه مع الله فلم يجده، لذلك قال «ليس بيننا مُصالح يضع يده على كلينا ليرفع عني (أي الله) عصاه ولا يُبغتني رعبه» (أيوب9: 33، 34).
المسيح هو الفادي
اننا حقًا أمام مشكلة عويصة لا يحلها إلا الكتاب المقدس الذي يُعلن لنا أن جميع هذه الشروط السابق ذكرها لا تتوفر إلا في أقنوم الابن المتجسد، لذلك رضي الرب يسوع المسيح أن ينزل من السماء وأن يُخلي نفسه (أي يخفي مجده داخل خيمة جسده) وأن يأخذ صورة عبد وأن يصير في شبه الناس وأن يوجد في الهيئة كإنسان لكي يموت موت الصليب. وما أرهب ذلك الموت، فبعد أن حُكم ظلمًا ولكموه ولطموه وبصقوا في وجهه وبعد أن جلدوه حمل الصليب ثم احتمله معلقًا عليه بين السماء والأرض ست ساعات؛ الثلاث الساعات الأولى تحمّل الكثير من شر البشر، أما الثلاث ساعات الأخيرة فكانت ظلمة على كل الأرض وفيها حمل خطايانا في جسده على الخشبة (بطرس الأولى2: 24). وفيها ضُرب من الله من أجل ذنبنا وفيها قال الله للسيف «استيقظ يا سيف على راعيَّ وعلى رجل رفقتي ... اضرب الراعي...» (زكريا13: 7).
وبالتالي كان لنا الشفاء من ذلك المرض الخطير الذي هو الخطية. ويقول بطرس أيضًا «الذي بجلدته شُفيتم» فقد جلد الله المسيح في الثلاث الساعات المظلمة لكي يخلصنا من الظلمة الخارجية (متى22: 13) ولكي لا نكون ظلمة بعد بل نورًا في الرب (إقرأ أفسس5: 8).
صديقي ... إن بركات ذلك الفداء الذي صنعه الرب يسوع مُقدمة للكل لكن ينالها فقط كل الذين يؤمنون بالرب يسوع . لقد قال بفمه الكريم «الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله» (يوحنا3: 36) ليتك تقتنع قلبيًا أنك خاطئ ومملوء بالخطية وأن الله يحبك وأن المسيح مات لأجلك فتأتي إليه بالإيمان فتكون لك الحياة الأبدية.