قصة شيّقة لصبي صغير يُناديه الله باسمه ويتحدث معه في حديث خطير . قصة أصغر صبي في تاريخ البشرية يتكلم معه الله كلامًا شخصيًا ويُعلن له ما سيحدث في المستقبل. ثم أصبح بعد ذلك رجلًا عظيمًا من رجال الله في العهد القديم.
طفولة فريدة (1صموئيل 1، 2)
وُلد صموئيل استجابة لصلاة أمه التقية حَنة، وسمّته صموئيل الذي معناه : سمع الله. وكانت قد نذرته للرب قبل ولادته. وبعد السنوات الأولى من عمره (بمجرد أن فطمته) أتت به إلى هيكل الرب وقدمته للرب ليقيم هناك وليكون للرب كل أيام حياته.
كيف قضى صموئيل فترة صباه ؟
قضاها في الهيكل مع عالي الشيخ رئيس الكهنة وأولاده، بعيدًا عن أبيه وأمه. ويلخص الكتاب هذه المرحلة من عمره في عبارات رائعة فيقول :
«وكان الصبي يخدم الرب أمام عالي الكاهن» (1صموئيل2: 11) - «وكان صموئيل يخدم أمام الرب وهو صبي متمنطق بأفود من كتان» (2: 18)
يا له من منظر رائع لهذا الولد الصغير وهو لابس ثياب الخدمة التي كان يلبسها الكهنة واللاويون في بيت الرب، فلم تكن ثيابه ثياب طفل عادي لكن أمه عملت له جبة صغيرة وكانت تأخذها له من سنة إلى سنة وكأنها تعلّمه أنه سيكون خادمًا لله كل عمره. وما وجوده من طفولته في هذا المكان إلا لإعداده للعمل العظيم بعد ذلك .
لكن ما الذى كان يعمله صموئيل في بيت الرب؟
وأي خدمة يمكن أن يقوم بها؟ أشياء بسيطة كالإعتناء بأمور خيمة الاجتماع. أمور تبدو تافهة أمام الناس لكن الرب يقدرها جدًّا حتى أنه يسجلها في كتابه العظيم ويسميها خدمة !! كان يتدرب للعمل الذي سيؤديه طوال حياته. كان يخدم بجّد ونشاط بحسب طاقة عمره.
أخي ... هل تشوَّقت أن يكون لك خدمة للرب؟ هل علمت أن أعظم ما يمكن أن تُنجزه في حياتك هو أن تقضي عمرك خادمًا له باذلًا طاقتك وجهدك للسيد العظيم الرب يسوع المسيح؟ إن كان لك هذه الأشواق فإني أهنئك وأرجو أن تصلى طالبًا من الرب دائمًا أن يحقق لك هذا. وأنصحك أن تخدم من الآن وألا تحتقر الخدمات البسيطة : توذيع نبذ، دعوة آخرين للاجتماع، الإعتناء بمكان العبادة، توصيل أشياء للمحتاجين .. «وكبر الصبي صموئيل عند الرب» (2: 21)
لنتصوّر صموئيل في بيت الرب. هذا هو بيته الذي يُقيم فيه وهذه هي مدرسته التي يتعلم فيها، تفتّح عقله في محضر الرب وتعلّم شريعته من الصِغر (كان ذهنه وعقله ينميان في أدراك أمور الله) ولأنه كان نذيرًا لله من بطن أمه لم يحلق رأسه ولم يَذُق العنب ومنتجاته (أنظر ع6) - تحوّل عن الأفراح الطبيعية لكي ينشغل تمامًا بأمور الرب. وهل عند الرب ما يُشبع احتياجاته؟ نعم. لقد عرف معنى القول : «بنو البشر في ظل جناحيك يحتمون. يروون من دسم بيتك ومن نهر نعمك تسقيهم. لأن عندك ينبوع الحياة. بنورك نرى نورًا» (مزمور36: 7- 9)
أخي العزيز، هل تحب محضر الرب وتشتاق للوجود مع المؤمنين في الاجتماعات؟ ليست اجتماعات الشباب الناشيء فقط بل الاجتماعات الكنسية أيضًا. في الاجتماعات العامة ستتعلم كثيرًا عن الرب وستفهم كلمته بصورة أعمق وسيكون لك شركة مع الأخوة المؤمنين جميعًا .
إني اشجعك أن تفتح قلبك تمامًا للأمور الروحية وأن تكون شغوفًا بها. انتبه يا صديقي لخطورة العصر الذي نعيش فيه. أنه عصر الأقمار الصناعية، عصر التقدم العلمي السريع، عصر الكمبيوتر والاختراعات المُذهلة. انتبه لئلا يُمتص فكرك ويُبتلع وقتك في هذه الأشياء، فمن الممكن أن تحولك كل هذه عن التصاقك بالرب يسوع. أنه وحده وليس سواه. الذي يروى نفسك ويملأ قلبك بالفرح. بل ليس غيره يعطي للحياة القيمة والكرامة.
سعيد كل من وجد في المسيح مصدر شبعه واكتفائه وعلاجه في حزنه وآلامه. «وأما الصبي صموئيل فتزايد نموًا وصلاحًا لدى الرب والناس أيضًا» (2: 26)
(وللحديث بقية في العدد القادم بمشيئة الرب)