هذه صرخة صاعدة من شعب الله قديمً. لقد اجتازوا في ضيقات ومصاعب كثيرة، فابتدأوا في الصوم والتذلل أمام الله لعله يستجيب لهم ويرفع عنهم كل هذه المصاعب. لكنهم شعروا أنه لا يسمعهم ولا يستجيب لهم. فأبتدأوا يتساءلون أليس الصوم وإذلال الجسد كافٍ ليستمع لهم الرب وينقذهم مما هم فيه؟ لكن دعونا نستمع لإجابة الرب عليهم في إشعياء58: 3-5؛ فهو يجاوب قائلاً «أمثل هذا يكون صومٌ أختاره؟ ... هل تسمي هذا صومًا ويومًا مقبولاً للرب؟». فما هو السبب في كل هذا؟ ولماذا لم يلتفت الرب إلى تذلّلهم وصومهم؟!
1- الله لا يطيق الإثم والاعتكاف (العبادة):
إن إلهنا قدوس وعادل ولا يقبل تقديم العبادة له كفَرض أو واجب للتعويض عن الإثم والعصيان في الحياة. إنه لا يقبل أن نقدِّم له أي شيء، حتى ولو كان ثمينًا وصحيحًا، بأيدي متسخة غير نقية.
2- الله لا يقبل العبادة الشكلية بدون وجود علاقة شخصية حقيقية معه:
قد يخدع الشيطان البعض بأن تقديم العبادة بصورة شكلية صحيحة أمرًا كافيًا لنوال رضى الله وبركته. والحقيقة هي العكس تمامًا فهو يقول بكل وضوح «يا ابني أعطني قلبك، ولتلاحظ عيناك طرقي» (أمثال23: 26)؛ فهو يضع العلاقة القلبية الداخلية أولاً ثم الحياة الخارجية ثانيً.
3- الله لا يقبل عبادة مقدَّمة من إنسان يعيش لنفسه وفي خصومة ونزاع مع الآخرين:
إن القلب الذي لا يشعر بالآخرين واحتياجاتهم، ومن الجهة الأخرى لا يحتمل الآخرين في أخطائهم، بل
يعيش لنفسه وكثير الخصومة والنزاع مع الآخرين، يبرهن على عدم وجود علاقة صحيحة مع الله؛ فكيف إذًا يقبل الله من هذا الشخص أي نوع من العبادة والتذلل؟
هذا كان حال الشعب قديمًا؛ فماذا عنك أنت؟
لماذا لا نراجع أنفسنا عندما ينتابنا هذا الشعور بأن الله لا يسمع لنا ولا يقبل عبادتنا؟
لكن هل هناك مخرج وحل لهذه الحالة؟ هل يمكن أن نتأكد من أن الله يقبل صلواتنا وأصوامنا وتضرعاتنا؟ نعم!
1- القلب:
الله يريد قلبًا نقيًا أولاً، قلبًا قد تطَّهر من آثامه وشروره، وهذا ما يقوله لشعبه قديمًا «اغتسلوا تنقوا اعزلوا شر أفعالكم من أمام عينيَّ» (إشعياء1: 16). وكيف يحدث هذا؟ بالرجوع إلى الله بقلب صادق، واثقين أن دم يسوع المسيح يطهرنا من كل خطية.
2- الحياة الصحيحة:
إن القلب الذي تطهّر بدم المسيح يُنشئ حياة جديدة مصدرها الله نفسه، لأننا سوف نختبر عمليًا القول «إن كان أحد في المسيح يسوع فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة (القديمة) قد مضت. هوذا الكل قد صار جديدًا» (2كورنثوس5: 17).
3- علاقة صحيحة مع الآخرين:
إن تغيير القلب ونقاوته يُنشئ علاقة صحيحة مع الآخرين، إذ يتواجد قلب محب مشفق مهتم بالآخرين. فيمد الإنسان يده للمحتاج والمسكين، كما يصبح لديه القدرة على الصفح والغفران للذين يسيئون إليه، بل حتى يستطيع أن يحب وأن يصلي من أجل الذين يعادونه ويضطهدونه.
أخي، أختي ..هذا ما يرد الله به علينا بكل وضوح. هل نستجيب لصوته فنتمتع ليس فقط باستجابة صلواتنا وتذللنا، بل سوف نتذوق حلاوة الحياة مع الله وهذا ما وضحه الله بالقول: «حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك، وتنبت صحتك سريعًا، ويسير برك أمامك، ومجد الرب يجمع ساقتك ... حينئذ تتلذذ بالرب وأركبك على مرتفعات الأرض» (إشعياء58: 8- 14).