صديقي: أهلاً بك مرة ثانية واقفًا معي قرب الصليب.
فبعد أن رأينا في العدد السابق الدوافع المختلفة وراء وجود الكثيرين من جموع الشعب قرب الصليب.
هلم معي لنتعرّف على فريقًا ثانيًا وجدناه هناك، لنعرف الدافع الحقيقي وراء موقفهم هذ. إنهم..
2- أعداء المسيح
«فقال (بيلاطس) لليهود هوذا ملككم! فصرخوا: خذه! خذه اصلبه!» (يوحنا19: 14).
«وكذلك رؤساء الكهنة أيضًا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ» (متى27: 41).
كوننا نرى العداء من الناس وفي الناس، فهذا أمر طبيعي، لأنه يوجد في كل إنسان ما يثير عداء الآخرين تجاهه، وما يثير فيه العداء تجاه الآخرين. إنها الخطية المولود بها كل إنسان. لكن عندما نتكلم عن المسيح، كأطهر وأقدس إنسان وُجِدَ على الأرض، يأتي التساؤل: هل يوجد فيه ما يثير عداء الآخرين تجاهه؟ حاشا له. فلماذا إذًا هذا البُغض والعداء. يجيب الرب «يبغضونني بلا سبب» (مزمور69: 4 مع يوحنا15: 25)، ويجيب الوحي «أسلموه حسدًا» (متى27: 18). لكن إن سألنا الآخرين فبماذا يجيبون؟
أعداء دينيون
سؤالنا نبدأ به مع رؤساء الكهنة والشيوخ والقادة الدينيون ونقول لهم: أ لم تروا في المسيح تحقيقًا لنبوات كثيرة تحفظونها وتعلّمون الآخرين بها؟ وأ لم يُثبت هو لكم بأعماله وأقواله أنه المسيح الرب؟ وإن كان هذا هكذا فلماذا البغض والعداء له؟ فيقولون: لقد بدأ الشعب يحبه ويذهب وراءه، وهو يعلّم أيضًا بأمور ضد التقليد الذي تسلمناه من الآباء. فلهذا أسلمناه ليصلب.
صديقي: هل هذا سبب مقنع لتبرير عداءهم للمسيح وما فعلوه به. ألا ترى معي أنهم خائفين على مراكزهم وكراسيهم الجالسين عليها وفائدتهم الشخصية من الجموع المحيطة بهم. وأن هذا هو الدافع لفعلتهم وكراهيتهم؟
أعداء منقادين
ثم نقترب من فئة أخرى وهم التابعين والمنقادين الصارخين لبيلاطس: اصلبه، اصلبه. ونسألهم عن عدائهم للمسيح: هل أصاب أحدكم شيء من الضرر بسبب كلامه لكم أو أعماله معكم؟ هل سأله أحدكم فلم يعطه، أو طلب فلم يجد، أو قرع بابه فلم يفتح له؟ وهل رأيتم فيه شرًّا يفوق ما رأيتموه في باراباس بالدرجة التي جعلتكم تفضلون باراباس عنه؟
فيقولون: ل. إننا لم نرَ شيئًا من هذا، وإنما نحن هنا بتعليمات من الكهنة ورؤساء الدين. إننا نردد ما أملوه علينا مع وعد بعطايا وبركات خاصة إن نفذنا التعليمات دون أن نسأل أو نُبدي رأيً.
صديقي: ألا ترى معي أنه لا يوجد مبرِّر سوى المنفعة الشخصية والانقياد الأعمى وراء الآخرين دون تفكير، والجهل بكلمة الله؟
موقف المكروه من الآخرين
لنترك الجموع وننظر للمرفوع. لنسمع مكروه الأمة، ونرى موقفه ورد فعله تجاه الأعداء. هل سينتقم؟ هل ستتغير محبته التي علّم بها «أحبوا أعداءكم»؟ هل... هل...؟ وقبل أن نفكر تأتينا الإجابة ونحن نسمع إحدى روائع المسيح التي نطق بها: «يا ابتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون» (لوقا 23: 34).
صديقي: وأنت الآن قُربَ الصليب أخاف أن تكون من أعداء صليب المسيح. أخاف أن تكون أحد المنقادين والمُضَلين وراء الآخرين المُضِلين، دون أن تفكر أو تتأمل في ما ترى وتسمع ولا تقارنه بكلمة الله. وللأسف هذا ما أصاب الملايين.
إن المسيح يحبك، وقبل أن تقول: وأنا أحبه، هل تحفظ وصاياه (اقرأ يوحنا14: 21-25). إن الكتاب المقدس يعلمنا أن نفحص ما يحدث منا أو حولنا هل هو مطابق لكلمة الله، وأن لا نردد ما يقوله الآخرين بل ما يقوله الرب.