في يوم من الأيام تكلمت أمٌ أمام بنتها الصغيرة عن صديقة لها وقالت إن لها وجهين
("بوشّين")، وعندما أتت تلك الصديقة إلى المنزل، رأتها البنت الصغيرة، وبعد أن
تفرست فيها وجدت أن لها وجهًا واحدًا، فسألتها ببساطة الأطفال:أين وجُهكِ الآخر؟
لأن ماما قالت إن لكِ وجهين. وهنا أدركت الأم خطئها في ذم صديقتها وأحمرَّ وجهها
خجلاً.
ما هو الذم؟
الذم هو التكلم بالسوء على الآخرين وإظهار العيوب والنقائص، وهو عكس المدح.
والذم يضر ويؤذي الآخرين إذ يسيء إلى سمعته. والذي يذم أخاه كأنه يقول ضمنًا إنه
أحسن منه ويضع نفسه في مستوى أعلى منه. وقال أحد رجال الله إن الذي يفتح عينيه على
الآخرين يغمض عينيه عن نفسه وعن أخطائه. لذلك دعونا نتوخى الصدق والعدل في كل ما
نقول عن الآخرين.
ولقد اقترح أحدهم ثلاثة أسئلة ينبغي لنا الإجابة عليها قبل الاسترسال في ذم
الآخرين:-
- هل يتمجد الله من خلال ذلك؟
- هل هناك فائدة سيحصل عليها أخوك نتيجة هذا الذم؟
- هل هناك فائدة ستحصل عليها من خلال ذلك؟
لماذا يجب أن لا نذم بعضنا بعضًا؟
- لأنها وصية الكتاب لنا:«لا يذم بعضكم بعضًا أيها الإخوة» (يعقوب4:11)،
وأيضًا «فاطرحو... كل مذمة» (1بطرس2:1).
- لأننا إخوة بعضنا لبعض (متى23:8). لذلك ينبغي أن نحافظ على صيت إخوتنا ولا
نشوِّه سمعة أحدهم، وإن كنا لا نقدر أن نمدحهم فالأفضل أن نصمت. لذلك دعونا قبل
أن نتكلم في حق الآخرين أن نذكر أنهم إخوة لن.
- كل المؤمنين بالرب يسوع هم أعضاء في جسد واحد ولا يمكن أن عضوًا في الجسد
يؤذي عضوًا آخر، بل كل الأعضاء تعمل معًا متعاونة وفي محبة من أجل سلامة الجسد.
- إذ ا جلسنا على كرسي القضاء لإدانة الآخرين وذمهم فإننا نأخذ مكان الديان
ونغتصب حق الله في إجراء الدينونة، والله يحتفظ لنفسه بحق إصدار الأحكام على
الناس.
- المؤمن الذي يذم أخاه ويدينه هو مؤمن جسدي، وبعمله هذا يفضح المصدر الداخلي
للفساد الذي فيه، أي الطبيعة الفاسدة، ويكشف إرادته الذاتية العاصية. وتصف كلمة
الله مشيع المذمة بأنه جاهل (أمثال10:18).
أمثلة لأناس اشتركوا في هذه الخطية فحصدوا نتائج مرة:
- وعندما تكلمت مريم وهارون على موسى بسبب المرأة الكوشية التي اتخذه. فسمع
الرب وضُربت مريم بالبرص وتعطلت مسيرة شعب الله سبعة أيام (عدد12).
- وعندما قاوم قورح وآخرون موسى رجل الله، واجتمعوا على موسى وهارون
واتهموهما بتهمة باطلة هي الكبرياء. فماذا كانت نتيجة كلامهم الرديء؟ لقد فتحت
الأرض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل ما كان لقورح مع كل الأموال. فنزلوا هم وكل
ما كان لهم أحياء إلى الهاوية وانطبقت عليهم الأرض فبادوا (عدد16).
ما هو العلاج؟
لعلاج ذم بعضنا البعض يجب ملاحظة الآتي:-
- لنعلم أن الوصية الإلهية التي تقول «لا يذم بعضكم بعضًا أيها الإخوة» واجبة
الطاعة، و من يذم الآخرين فإنه بذلك يرتكب خطية لأنه خالف الوصية الإلهية.
- يقول الكتاب «فاطرحو... كل مذمة»، والذي يُطرح هو النفاية والشيء الضار.
لذلك يجب التخلص تمامًا من ذم الآخرين وطرح هذه الخطية من حياتن.
- عليَّ أن أبحثُ عن الأمور الحسنة والمباركة في أخي، وأشكر
الله من أجلها عوضًا عن البحث عن العيوب والتحدث بها أمام الآخرين. وإن كان
هناك خطأ في حياة أخي فيجب أن أصلي من أجله، وإن كان من الممكن أذهب إليه وألفت
نظره بحب إلى ما يجب إصلاحه، مع ملاحظة أنه ينبغي أن نفحص ذواتنا أولاً ثم
نساعد الآخرين على فحص ذواتهم (متى7:1-5).
- أهمية ضبط اللسان:لتكـن صلاتنا «اجعل يارب حارسًا لفمي. احفظ باب شفتيَّ»
(مزمور141:3)، ولا ننسى الوصية «لا تخرج كلمة ردية من أفواهكم» (أفسس4:29)،
وأيضًا «ليكن كل إنسان مسرعًا في الاستماع مبطئًا في التكلم»(يعقوب1:19).
- نحن لا نستطيع أن نعرف كل الحقائق عن أي موضوع، وأيضًا لا نعرف كل الدوافع
التي تعمل في قلب أي إنسان والتي تجعله يتصرف أي تصرف. وكونك تتكلم بالشر على
أخ، أو تحكم عليه بناء على دوافع غير مكتملة فأنت بذلك تخالف كلمة الله.
- عندما نكون قريبين من بعضنا البعض وفي شركة قوية ومحبة متزايدة؛ فإن هذا
يجعلنا نتحرر من الكلام بعضنا على بعض أو نذم بعضنا البعض.
- ليعطنا الرب طاقة للاحتمال:عند سماع مذمة من الأشرار كما ذكر داود «لأني
سمعت مذمة من كثيرين» (مزمور31:13) لنثق أن الرب معنا ينقذنا من موآمراتهم كما
قال إرميا:«ولكن الرب وقف معي كجبار قدير» (إرميا20:11). أما إذا كانت المذمة
من أخي فيجب أن أصلي من أجله، مع مراجعة طرقي لئلا يكون هناك خطأ في حياتي
يحتاج إلى علاج؛ وأيضًا بمحبة واتضاع أذهب إليه وأعاتبه على انفراد.
أخي ... أختي ... ليعطنا الرب علاجًا حقيقيًا، فنتحرر من هذه الخطية،
ونطرحها جانبًا؛ فلا نذم بعضنا البعض، أو نتكلم بالسوء على أحد، بل نضبط ألسنتنا،
حتى كل ما يخرج من أفواهنا يكون للبنيان، مشجعين بعضنا البعض، متمثلين بالرب يسوع
المسيح، الذي عندما تكلم كان الجميع يشهدون له ويتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من
فمه (لوقا4:22).