كان الطريق السريع مُزدحمًا على غير عادة، فقد توقفت السيارات في صفوف طويلة في الليل البارد، ولم يدرِ الأكثرون سبب ذلك بالتحديد، ولكن الناس أخذوا يتناقلون خبرًا عن أن صورة المسيح تظهر كل ليلة على صهريج مرتفع في جوار الطريق. واتضح بعدئذ أن الصورة لم تكن سوى خيالٍ تُحدثه أضواء الليل على صفحة الصهريج المبقَّعة الصَدئة.
وكان رد فعل واحدٍ من السائقين المتوقفين في زحمة الطريق لافت للنظر على نحوٍ خاص. فعندما مَدّ رأسه خارج سيارته وسأل أحد العابرين عمّا يجري. فنظر إليه العابر وقال: المسيح هن.
فإذا بالسائق يصرخ صرخة مُرّة، تعبِّر عن الفزع الشديد الذي انتابه. وبالرغم من ملابسه الثقيلة وسيارته المكيّفة، فقد ظل يرتجف ويرتعش، وأسنانه تصطك، والعرق البارد يتصبب من جسمه. ولما سأله أحد مراسلي الصحف عن سبب اضطرابه وهلعه، علَّق السائق قائلاً:
عندما سمعت أن المسيح جاء، انتابني الذُعر في الحال، واستبد بي الهلع الشديد؛ فأنا لم أكن مستعدًا ليوم الدينونة!
عزيزي، إن ردّ فعل ذلك السائق يثير بعض الأسئلة: ما هو شعورك إزاء مجيء المسيح المؤكَّد؟ أ يسيطر عليك الشوق والفرح أم الخوف والقلق؟ هل أنت متلهف لمجيئه لدرجة أنك تتمنى أن يحدث اليوم؟ أم أن خبر مجيئه سريعًا يسبب لك الفزع والهلع؟ الرب يسوع آتٍ ثانية؛ فهل هذا عندك خبر سار أم خبر سيء؟
عزيزي..« استعد للقاء إلهك!» (عاموس 4: 12)؛ لأنه، إن آجلاً أو عاجلاً، لا بد أن تُقابل المسيح. وإن لم تلتقِ به كالمخلِّص الآن، سوف تلتقي به فيما بعد كالديّان. وإذا لم تلتقِ به عند الصليب ليمنحك الخلاص، سوف تقابله أمام عرش الدينونة العظيم لتنال منه القصاص.
عزيزي، إن الغد ليس ملكًا لنا، وبين لحظة وأخرى قد يأتي المسيح حسب وعده >ها أنا آتي سريعًا< (رؤيا3: 11؛ 22: 7 ،12 ،20)، أو قد نُدعى نحن للقائه؛ وهو السيد القدوس العادل، ولن يعامل خاطئًا كأنه بار. لذلك ما ألزم الاستعداد لذلك اللقاء!
وإنني أكاد يا عزيزي أسمعك تسأل: ماذا ينبغي أن أفعل لأكون مستعدًا؟
ونحن نجيبك بالقول: ليس عليك شيء باقيًا لكي تعمله الآن، لأن الله محبة، وهو الذي يقدِّم لك الآن خلاصًا تامًا كاملاً، وليس عليك إلا أن تقبله بالإيمان. هذا الخلاص هو في ابنه يسوع المسيح، الذي سُفك دمه على صليب الجلجثة ليُرضي العدالة الإلهية. وبهذا الدم الزكي الكريم تُمحى كل خطاياك. من أجل هذا يستطيع الخاطئ المُخلَّص المُبرَّر أن يجد مكانًا في السماء حسب وعد الرب يسوع لأحبائه >أنا أمضي لأُعدَّ لكم مكانً. وإن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتي أيضًا وآخذكم إليّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا< (يوحنا14: 2 ،3).
أيها القرّاء الأعزاء، لا ترفضوا هذا الخلاص العظيم الذي يقدّمه الله لكم. اسمعوا صوت الرب يسوع القائل: >تعالوا إليَّ يا جميع المتعَبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم< (متى11: 28). إن الذي يدعوك ليخلّصك الآن هو نفسه الذي، في يوم قادم، سيدين سرائر الناس ثم يأمر بعد ذلك بطرحهم في بحيرة النار والكبريت، حيث النار لا تُطفأ والدود لا يموت، حيث البكاء وصرير الأسنان، حيث الظلمة الخارجية والعذاب إلى أبد الآبدين. فاهرب أيها الصديق العزيز من هذه الدينونة الآن، بالالتجاء إلى الرب يسوع، بالتوبة والإيمان، فتحصل على الإنقاذ من >الغضب الآتي< (1تسالونيكي1: 10).
تعالوا إذًا لهذا المخلِّص كما أنتم. لا تظنوا أنه يجب أولاً أن تحسنوا حالتكم. إن كل ما تحاولونه أو تتكبدونه لن يزيد في عيني الله عن >ثوب عِدّة< (إشعياء64: 6) أو خرقة بالية نجسة. تعالوا بقلب تائب إلى من قال: >إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيضّ كالثلج. إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف< (إشعياء1: 18)، وبعد هذا فقط تستطيعون أن تسلكوا في >أعمال صالحة< التي >قد سبق الله فأعدّها لكي نسلك فيها< (أفسس2: 10).
أيتها النفوس العزيزة التي ربما تُحزنها خطاياها ويدفعها الحزن لأن تقول >ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟< إن الجواب الإلهي هو >آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص< (أعمال16: 30 ،31). وكل من وضع رجاءه في الرب يسوع المسيح لن يُخزى، بل يكون مستعدًا للقاء إلهه، حيث تتم كلمات الرسول بولس >نكون كل حين مع الرب< (1تسالونيكي4: 17).
استعد! استعد! استعد!