- ليس عجيبًا أن تبغض، وليس غريبًا أن تخطِّط لقتل أخيك أمنون، فلسان حالك هو لسان حال الجاهل: «ليس إله» (مزمور14: 1). فقلبك وفكرك مشغولين فقط بأمورك الشخصية ومطامعك الخاصة. ورغم مرور سنتين كاملتين على ما فعله أمنون، إلا أن النار كانت تتوقّد في داخلك وكأنها اشتعلت أمسًا فقط.. هذا هو الإنسان بحسب الطبيعة..
هذا هو القلب البشري الذي لا يمكن أن يتغير أو يتهذّب أو يتحسن.
- ألا تعلم أن ما فعلته، بقتل أخيك أمنون، دنّس الأرض؛ وذلك يستوجب سفك دمك، أليس مكتوب: «لا تدنسوا الأرض التي أنتم فيها، لأن الدم يدنِّس الأرض. وعن الأرض لا يُكفَّر لأجل الدم الذي سفك فيها إلا بدم سافكه» (عدد35: 33).
إذًا فأنت لست خاطئ ومذنب فقط لكنك تستحق الموت.
- رغم كل هذا، ورغم هروبك إلى جشور ثلاث سنين إلا أن صوت النعمة كان: «ولا ينزع الله نفسًا بل يفكر أفكارًا حتى لا يُطرد عنه منفيّهُ» (2صموئيل14: 14).
حقًا ما أعجب إلهنا الذي يفكر بشتى الطرق لكي يُرجِع الخاطئ إليه! لقد رجعت يا
أبشالوم إلى أورشليم، لكن للأسف لم ترجع إلى الله معترفًا بخطاياك تائبًا من
قلبك.
- للأسف قد تكون مغرورًا بجمالك الجسدي، فنحن نعلم أنه لم يكن في إسرائيل رجل جميل وممدوح جدًا مثلك، من باطن قدمك حتى هامتك لم يكن فيك عيب، فهذا من الخارج؛ ولكن اسمع قول الكتاب: «كل الرأس مريض وكل القلب سقيم: مِن أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة، بل جرح وأحباط... » (إشعياء1: 5 ،6).
فيا ليتك كنت وضعت يدك في عبِّك وأخرجتها، كما قال الرب قديمًا لموسى في خروج4:
6، ستكتشف أنها برصاء دليلاً على برص القلب.
- أ تأمر عبيدك ليذهبوا ويحرقوا حقل الشعير الذي ليوآب، وهو الذي فعل معك الخير وأرسل إلى تقوع وأخذ امرأة حكيمة وجعل الكلام في فمها، وكان السبب في أن الملك يأمر بردِّك، أ هذا هو جزاء الاحسان؟ ثم بعد كل ما فعلت تقول «وإن وجد فيَّ إثم فليقتلني» (2صموئيل14: 29-32). نعم فأنت واحد من هؤلاء الذين يقول عنه الكتاب: «مملوئين من كل إثم... مشحونين حسدًا وقتلاً وخصامً...»
(رومية1: 29).
- الذي يقول في قلبه «ليس إله» من السهل عليه أن يقبل أي شيء يقترحه الشيطان، فها هو ذا الشيطان قد استخدمك كالأسد في شراسته عندما حرقت حقل يوآب، وها هوذا يستخدمك كالحية في خداعه. حقًا إنك لا تعرف سيدًا آخر غير الشيطان. ومع أن اسمك معناه "أبو السلام"، لكنه سلام المنافق الغشاش الذي يريد أن يأخذ المملكة بالتملقات والنفاق وبأقوال تبدو حسنة ليخدع البسطاء، إنك تسرق رعايا شعب الرب، تسرق رعايا مسيحه. وليس ذلك فقط، بل يحسن الأمر في عينيك عندما يشير عليك أخيتوفل أن يسعى وراء أبيك الملك ويضربه وهو وحده (2صموئيل17: 1-4).
حقًا لا حدود لشرِّ الإنسان! احذر وعليك أن تنظر نهاية أخيتوفل (2صموئيل17:
23).
- أ لم تسمع أَوَ لم يصلك خبر عن ما قاله أبوك ليوآب وأبيشاي وإتاي: «ترفّقوا لي بالفتى أبشالوم» (2صموئيل18: 5). حقًا ان ما وُجد فيك من شر قد فاق جدًا شر شاول. إن التعظّم والكبرياء، وعدم الطاعة وعدم الخضوع للوالدين، وعدم الشكر، وانعدام العواطف الطبيعية مثل الحنو؛ صفات نراها فيك أكثر من أي شخص آخر.
ألا توجد عندك أدنى فكرة عن الله لكي تحرّك ضميرك؟ ألا يوجد فيك شعور بالأسى
بسبب حزن أبيك؟ لقد بكى شاول مرة واعترف ببرِّ داود، وقال «لقد أخطأت»؛ قالها
من فمه فقط، أما أنت فلم تقُلها مطلقًا، بل كل أعمالك من البداية إلى النهاية
تقول: «الله لا يرى».
أحبائي لقد فات الأوان ولن يستطيع أحد منا أن يكلم أبشالوم؛ لكننا نحذر أبشالوم القرن الواحد والعشرين ونقول له: لقد تعلّق أبشالوم من شعر رأسه الذي كان افتخاره بالجسد، تعلق رأسه بأغصان شجرة عظيمة وعُلِّق بين السماء والأرض لكي يكون عبرة للكل لأن «المُعلَّق ملعون من الله».
واسمع النهاية المُرة: إذ وهو حي في قلب البطمة أخذ يوآب ثلاثة سهام بيده ونشبها في
قلبه، وأحاط بالشجرة عشرة غلمان حاملو سلاح يوآب وضربوه وأماتوه (2صموئيل18) وأخذوه
وطرحوه في الوعر، في الجب العظيم، وأقاموا عليه رجمة عظيمة جدًا من الحجارة.
تلك هي العبرة، فهل من يعتبر؟!