مرة أخرى نعود صديقي العزيز لنقف معًا قرب الصليب، لنتأمل سويًا في بعض الشخصيات الواقفة أمام المصلوب. وسنرى اليوم شخصية جديدة أعتبرها من أهم الشخصيات. فقد رأينا في الحلقات السابقة نوعيات مختلفة من الناس، ولكل منهم هدف في وقوفه هن. فرأينا المتفرجين والمأجورين. رأينا الفريسيين الكارهين وجمهور المنقادين. رأينا الجند الروماني غير المبالين والاعداء الحاقدين. لكننا رأينا سوسنة بين الشوك؛ رأينا الاحباء - وإن كانوا نفرًا قليلاً - ممثَّلين في يوحنا والمريمات. ولعلك صديقي العزيز تنتظر لترى وتعرف من سنراه الآن قرب الصليب.
لكن لا تتلفت كثيرًا حولك فشخصيتنا اليوم هي: أنا وأنت.
خاف أن تخرج من المقالات السابقة بانطباع خاص عن الآخرين وتنسى نفسك. أو تكون قد أضفت معلومة جديدة عن الصليب إلى معلوماتك. لكني أرجوا أن تنظر لنفسك لترى أنك هنا؛ عند الصليب، لا كالمتفرج، بل لتصلب المسيح. لا تتحلى بشيء من التواضع وتقول "إن خطايانا هي التي صلبت المسيح"، متصوِّرًا أن المسئولية تقل عندما تتوزع الجريمة على الكثيرين. بل ليتك تقول "إن خطاياي هي التي صلبت المسيح". لأن الحقيقة هي كذلك.
فقد قال الكتاب المقدس «الذي أُسلِمَ من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا» (رومية4:
25) وقال أيضًا الرسول بولس >ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي< (غلاطية2: 20).
صديقي: مرة أخرى لا تتسرع وتكيل الإتهامات للآخرين وتحكم عليهم. u فقد يكون فيك بيلاطس الذي سأل عن الحق ولم ينتظر أن يعرفه بل بحث عن كيفية إرضاء الآخرين u وقد يكون فيك هيرودس الذي وقف أمام المسيح لا ليتعرف عليه بل ليرى منه آية للتسلية. u وقد يكون فيك فريسي متزمت ومتدين وهو يبغض المسيح لأنه كشف زيفه وريائه. u وقد يكون فيك جندي يلهو ويعبث بحياته ولا يلتفت للمصلوب بل يلهث خلف قطعة من ثياب المسيح. u قد يكون فيك أحد الأعداء الكارهين والحاقدين بلا سبب. صدقني.. لو فتّشت بداخلك سترى الكثير وأنت لا تدري: سترى خطايا لا تُعد، أقل واحدة منها ستذهب بك إلى الموت والعذاب الأبدي. ولكن إن كنت مخدوعًا في نفسك فاطلب وبصدق من الله قائلاً «اختبرني يا الله واعرف قلبي امتحني واعرف أفكاري» (مزمور139: 23). ففي الحال سيكشف لك حالتك ويحوِّل نظرك للعلاج الوحيد: للمسيح المصلوب.
فقل له الآن: "يا من صلبتك بخطاياي اغسلني بدم صليبك"؛ فتمضي من عند الصليب
مبررً.