أتت اللحظة الحاسمة التي تمَّم الله وعده فيها لإبراهيم أن نسله سيكون غريبًا في أرض ليست لهم فيذلونهم وبعد ذلك يخرجون (تكوين15: 13 ، 14). وقد كان؛ فعند نهاية مدة إقامة بني إسرائيل في مصر، في ذلك اليوم عيّنه، أخرجهم الرب (خروج12: 51).
تاريخ الخروج: يُقال إنه حدث في أواسط القرن الخامس عشر قبل الميلاد؛ حوالي سنة 1447 ق.م (قد يكون في زمن تحتمس الثالث).
مكان العبور: يذهب الكثيرون إلى أن خليج السويس في أيام موسى كان ممتدًّا إلى منطقة البحيرات المُرّة ومنها عبر الشعب. ويقول آخرون أنه كان بالقرب من مدينة السويس؛ لكن يكفينا قول الكتاب المقدس إنه تم في بحر سوف (خروج15).
محطات الرحلة: نفهم من سفر العدد أصحاح 33 أن قطار الرحلة توقف بالشعب على 42 محطة. بدأت من رعمسيس وانتهت بعربات موآب. ولكن في دراستنا للرحلة سنتوقف بمعونة الرب على بعض المحطات الهامة لنتأمل قليلاً ونستخرج لنا منها دروسًا لفائدتن. ولسهولة الدراسة يمكن تقسيم الرحلة إلى أربعة أجزاء.
الجزء الأول: كانت محطة البداية هي رعمسيس (خروج12: 37) - مكان بالقرب من الزقازيق - ثم إلى سكوت (تل المسخوطة)، ثم إلى إيثام - غرب البحيرات المُرّة - ثم إلى فم الحيروث بين مجدل والبحر.
الجزء الثاني: من البحر الأحمر - حيث ساروا بمحاذاته بعد العبور - إلى جبل سيناء مرورًا بمارة وإيليم ثم برية سين ثم رفيديم ثم برية سيناء. واستغرقت الرحلة حوالي ثلاثة شهور. ثم مكثوا في جبل سيناء حتى الشهر الثاني من السنة الثانية من خروجهم من أرض مصر. وهذه الفترة شهدت أحداثًا هامة في تاريخ الرحلة سنقف عندها فيما بعد مثل: إعطاء المَن، والصخرة المضروبة، وحرب عماليق، وإعطاء الناموس، والعجل الذهبي، وإقامة خيمة الإجتماع... الخ.
الجزء الثالث: تحرك قطار الرحلة من محطة جبل سيناء بكل أحداثها إلى قادش برنيع والتي تبعد عن حدود أرض الموعد حوالي 120 كيلو متر مرورًا بتبعيرة وقبروت هنأوة ووصولاً لقادش برنيع، مكان إرسال الجواسيس لتجسس الأرض، والذين أذاعوا بعد عودتهم أخبارًا مزعجة تمرَّد الشعب بسببها على الرب؛ فقضى الرب عليهم بالتيهان في البرية حتى مات كل الجيل الذي رأى آيات الرب ما عدا اثنان منهم - كانوا ضمن الجواسيس - وهُم يشوع بن نون وكالب بن يَفُنّة. ثم قضى الشعب حوالي 38 سنة في الدوران في منطقة قادش وعصيون جابر. والتي تقع بالقرب من خليج العقبة.
الجزء الرابع: ويشمل الرحلة من قادش إلى جبل هور حيث مات هارون. ثم دار الشعب بأرض أدوم إلى أن أتوا قبالة أريح. ثم عبر الشعب من هناك نهر الأردن.
دروس من الرحلة: إن رحلة الشعب التي سندرسها بشيء من التفصيل - إن شاء الرب وعشنا - بدءًا من العدد القادم؛ ليست تاريخًا فحسب، بل سنجد لنا فيها دروسًا نحتاج أن نتعلمه. كما كتب الرسول بولس «وهذه الأمور حدثت مثالاً لن... فهذه الأمور جميعها أصابتهم مثالاً وكتبت لإنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور»(1كورنثوس10: 6 ، 11). فقد كانت البرية مكان اختبار لإسرائيل لمعرفة ما في قلبهم (تثنية8)؛ ولنا أيضًا لنعرف ذواتنا، ونعرف نعمة الرب التي تحفظنا؛ لكي نتعلّم كيف نتكل عليه فهو الذي لا يتوقف عن معونتن.