قد رأينا أن علاقات هذا السن غير مناسبة للزواج، كما رأينا أن الصداقة تستحيل بين شاب وشابة دون زواج. لكن هناك أوجه كثيرة من التعامل البريء العام الذي تلزمه ضرورات الحياة مثل: الزمالة، الجيرة، القرابة العائلية، العمل الروحي المشترك. فهذا التعامل ليس بالضرورة يتطلب نفس نوعية وشدة محبة الزواج والصداقة بين الطرفين.
لكي يمارس الشباب هذا التعامل بضمير صالح وضمير طاهر ويتجنبوا السقوط في براثن الحب غير الشرعي لا بد أن يكون لهذا التعامل إطار عام مطابق لكلمة الله مثل:
- يكون تعامل عام: مع الكل بلا استثناء، وعلى حد سواء، ليس فيه تمييز بين شخصية وأخرى، وأفضل أن يكون في جو المجموعات وليس الأفراد. وأيضًا يكون بكل طهارة كإخوة وأخوات (1تيموثاوس 5: 2).
- يكون في النور: >اسلكوا كأولاد نور< (أفسس5: 8). فلا يلجأ الشاب أو الشابة إلى التعاملات الخفية التي لا يريد أن يراها الآخرون بل يريدها أن تحدث في الظلمة من وراء ظهورهم. وليذكر دائمًا أن الرب يرى كل شيء. كما أنه لا يخشى مطلقًا من أن يرى الآخرون طريقة تعامله أو حتى أفكاره ودوافعه الداخلية في تعامله، فهو يتعامل أمام >الرب الذي سينير خفايا الظلام ويظهر أراء القلوب< (1كورنثوس 4: 5). ليس عنده شيء يخشى أن يُطلع الآخرون عليه.
- أن يكون هذا التعامل العام الذي في النور وفي جو الطهارة حسب ما تقتضيه الضرورة، وليس منهج عام فيه استعطاف أو استحسان أو ملازمة؛ بل ليلازم الشاب الشباب، ولتلازم الفتاة الفتيات.
- أن لا يكون في هذا التعامل عثرة للآخرين حتى لو لم يكن فيه خطأ >احكموا بهذا: (ليكن هذا مبدأ سلوككم) أن لا يوضع للأخ مصدمة أو معثرة... حسن أن لا تأكل لحمًا ولا تشرب خمرًا ولا شيئا يصطدم به أخوك أو يعثر أو يضعف< (رومية14: 13 ، 21). وبالتالي ينبغي أن يكون مناسبًا للوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه الشخص. فهناك مجتمع يقبل قدرًا معينًا من التعامل، وهناك مجتمع آخر لا يقبل هذا القدر. ومهما تكن الأعذار من حيث تركيبة الشاب أو الشابة فعدم مراعاة هذا الأمر يؤدي إلى العثرة.
- يكون حجم التعامل مناسبًا لنوع الشخصية: فهناك شخصيات تتأثر جدًا بالتعامل، وقد يكون التعامل الكثير مؤثرًا على ضميرهم، ويترك أثرًا سلبيًا في العلاقة مع الله >ليس شيء نجسًا بذاته. إلا من يحسب شيئًا نجسًا، فله هو نجس< (رومية14: 14). وهناك آخرون، مثل الشخصيات الإنبساطية، هذا التعامل لا يتسبب في تعب لضمائرهم ولا يـؤدي بهـم إلـى التعلق العاطفي العميق. والقاعدة في هذا الأمر هي أن لا ندين بعضنا بعضًا لأن لنا تركيبات مختلفة تفرض علينا أحجام تعامل مختلفة لاغبار عليها طالما أنها في إطار المبادئ الكتابية >لا يزدرِ من يأكل بمن لا يأكل ولا يدِن من لا يأكل من يأكل؛ لأن الله قَبِلَهُ< (رومية 14: 3).
- الإعجاب والانبهار هو واحدة من سمات سن المراهقة. هو تقييم شخصي إنساني لشيء له مظهر خارجي أو جوهر متميّز، ربما يكون شيء مثل مبنى، سيارة، وردة، ملابس، فريق كرة. وربما يكون الإعجاب بشخص ولد أو بنت، كبيرًا أو صغيرًا، له خصائص جذابة، وربما أداء ملفت راقٍٍ.
- الإعجاب يحدث تلقائيًا في كيان الإنسان، ويصاحبه شعور إنساني طبيعي عندما تقع العين على هذا الشيء أو الشخص ويخرج من الإنسان المشاعر وربما التعبيرات التي تدل على الإعجاب. ولا غبار عليه في حالة حدوثة، ولا نلوم أنفسنا بسببه.
- لكن الإعجاب عمل تلقائي لا إرادي ليس فيه تخصيص، أما الحب فهو عمل إرادي، يقرِّر الشخص أن يقوم به.
- الإعجاب شيء عام قد يكون بشخص أعرفه أو لا أعرفه؛ لكن الحب فيه تخصيص، وليس هناك مبررًا، كما أنه ليس منطقي، أن كل ما يُعجب به الشاب يحاول أن يقيم معه علاقة أو يخصِّصه لنفسه. الإعجاب هو تقييم وتقدير لقيمة الشيء أو الشخص لأسباب في الشيء أو الشخصي نفسه؛ أما الحب فهو تخصيص هذا الشخصي ورغبة امتلاكه.
ولحديثنا بقية بمشيئة الرب