لقد أعطانا الله اللسان في أفواهنا لكي نتكلم به، ويقول الرب «فإنه من فَضلة القلب يتكلّم الفم» فالإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح، والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يُخرج الشر· لذلك كلماتنا تعبِّر عن حالة قلوبنا الداخليه؛ فالخاطىء البعيد عن الله يتكلم دائمًا بالكذب والغش والخداع والباطل (مزمور144: 8؛ إشعياء59: 3)· ويصف الروح القدس البشر جميعا بهذا القول «حنجرتهم قبر مفتوح· بألسنتهم قد مكروا· سم الأصلال تحت شفاههم· وفمهم مملوء لعنة ومرارة» (رومية3: 13 ،14)·
بينما المؤمن الحقيقي بالرب يسوع المسيح قد تغيرت حياته وسلوكه وأيضًا كلامه، فليس فقط يمتنع عن السلبيات، بل يتكلم بالايجابيات· فليس فقط «لا تكذبوا بعضكم على بعض» بل «تكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه»، وليس فقط «لا تخرج كلمة ردية من أفواهكم» بل «كل ما كان صالحًا للبنيان حسب الحاجة كي يعطي نعمة للسامعين» (كولوسي3: 9؛ أفسس4: 25 ،29)·
والأكثر من ذلك يجب أن نكلِّم بعضنا بعضًا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية؛ وهذا يأتي عندما تسكن في قلوبنا كلمة المسيح بغنى (كولوسي3: 16)، وأيضا عندما نمتلىء من الروح القدس (أفسس 5: 18)، أي عندما تكون مشغوليتنا الوحيدة بشخص ربنا يسوع المسيح، في ذاته وصفاته وجماله وأعماله المجيده ومحبته الفريدة، وفدائه العظيم·
بالأسف قد يجتمع بعض المؤمنين فى مكان ما ويكون حديثهم ليس عن الرب يسوع، بل ربما عن الظروف الراهنة والحوادث الجارية أو في مباريات كرة القدم أو··· أو··· وهذا يدل على الفقر الروحي·
أتذكر مرة كنت أركب سيارة مع أحد خدام الرب ونحن في الطريق الصحراوي، ورأينا فى وسط الصحراء نبع مياه ومن حوله أشجار وخضرة؛ فكان الحديث عن ربنا يسوع المسيح الذي نبت كعرق من أرض يابسة· فالمسيح - له المجد - هو العرق الأخضر في وسط الأرض اليابسة، وهذا أجمل حدييث نسمعه ينعش نفوسنا ونحن فى برية هذا العالم، وبحق قال المرنم :
أعِد عليَّ حديثًا عن سيدي وحبيبي |
|
يحلو لسمعي صداه وغاسلي بدماه |
«مكلّمين بعضكم بعضًا»
أي عندما يجتمع المؤمنون معًا بنفس واحدة وغرضهم هو ربنا يسوع المسيح، يكون هدفهم هو بنيان بعضهم البعض والتغني والترنم للرب، وليس فقط في الاجتماعات لكن أيضًا في كل لقاء للمحبة والشركة، أي في جلساتنا وولائمنا المحبية، حيث يتعطر المكان برائحة المسيح الذكية·
قال المرنم «آمنت لذلك تكلمت»، وأيضًا «تحادثوا بكل عجائبه»، «تكلمت بأمانتك»، «أتكلم بشهاداتك»، «أتكلم بـأمور شريفة» (1أخبار 16: 9؛ مزمور40: 10؛ 116: 10؛ 119: 46؛ أمثال 8: 6)· لذلك يجب على المؤمن أن يتكلم مع إخوته عن أمانة الله وصلاحه ومحبته ونعمته، والرب يُسرُّ أن يصغي إلى خاصته وهم يكلمون بعضهم بعضًا عنه كما هو مكتوب «حينئذ كلّم متّقو الرب كل واحد قريبه والرب أصغى وسمع وكتب أمامه سفر تذكرة للذين اتقوا الرب وللمفكّرين في اسمه» (ملاخي 3: 16)·
لقد تكلم إشعياء عن الرب حين رأى مجده (يوحنا 12: 41)، وبعد أن بنى سليمان هيكل الرب تكلم بكلمات عظيمة عن الرب (1ملوك 8)، وحنة النبية وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه (لوقا 2: 38)· لذلك ليعطنا الرب أن نتكلم عنه دائمًا مع بعضنا البعض·
«مكلّمين بعضكم بعضا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية»
المزامير: هي أقوال شعرية تعبِّر عن اختباراتنا المباركة مع الرب، مثل مزامير داود وهي ترنيمات حمد وشكر للرب·
التسابيح: هي الأقوال والترنيمات التي فيها مدح للرب، والتغني بكمالات ربنا يسوع وحلاوته ومحبته ونعمته· فهي ترنيمات سجود وتعبد «أغنّي للرب في حياتي، أرنِّم لإلهي ما دمت موجودًا فيلذّ له نشيدي وأنا أفرح بالرب» (مزمور104: 33 ،34) ومقدامنا فى التسبيح هو ربنا يسوع المسيح (عبرانيين2: 12)·
الأغاني الروحية: هي الأقوال والترنيمات التي تعبِّر عن فرح وبهجة القلب بالارتباط بتحريضات عملية عن القداسة والتكريس للرب والثقة فيه ودرس كلمة الله والصلاة·
ليعطنا الرب أن نمتلىء من الروح القدس دائمًا، وأن يملأ الفرح قلوبنا ونفوسنا، فنسبِّح للرب ونكلِّم بعضنا البعض باستمرار بمزامير وتسابيح وأغاني روحية· وليحفظنا الرب من أن ننشغل بأنفسنا فنتكلم عن أمورنا الخاصة والشخصية، أو نتكلم بعضنا على بعض كا فعلت مريم إذ تكلمت مع هارون على موسى رجل الله فضُربت بالبرص، لكن نتكلم عن الرب وجماله وما صنعه معنا «مخبرين بتسابيح الرب وقوته وعجائبه التي صنع» (مزمور 78: 4)، ولتكن لغتنا هي «فاض قلبي بكلام صالح، متكلم أنا بإنشائي للملك· لساني قلم كاتبٍ ماهرٍ· أنت أبرع جمالاً من بني البشر· انسكبت النعمة على شفتيك، لذلك باركك الله إلى الأبد» (مزمور 45 : 1 ،2)·