الحدث: ليلة الفصح
المكان: أرض مصر
الزمان: اليوم الأخير للشعب قبل الخروج
قبل أن يتحرك بنا قطار الرحلة من محطته الأولى، نحتاج أن نبدأ الحكاية من البداية· نبدأ بالليلة التي لا تُنسى؛ يوم كان هذا الأمر العظيم الذي لا ينساه أحد· ليلة بكى فيها كل المصريين، وفرح وعيّد كل الإسرائيليين· إنها ليلة الفصح «ليلة تُحفظ من جميع بني إسرائيل في أجيالهم» (خروج12: 42)·
فبالفصح بدأ الشعب بكيان جديد، وتاريخ جديد، وحياة جديدة·· فلا غرابة إن كنا نرى إهتمام الوحي المقدس إهتمامًا دقيقًا بتفاصيلها· والملفت للنظر أن الشخصية المشهورة في أحداث هذه الليلة ليست هي موسى أو هارون أو فرعون؛ بل شخصية «الخروف»!! إنه المهم جدًا لله وللشعب· فالله لا يريد أن يرى إلا دمه مرشوشًا، فيعبر الهلاك عنهم· والشعب لا يأكل إلا لحمه مشويًا (إقرأ خروج12)· لقد كان للخروف مكانة خاصة واهتمام خاص وسط كل البيوت، لأن الجميع عَلِمَ أنه هو الطريق الوحيد للنجاة من الهلاك والخلاص من فرعون·
الذبيح العظيم:
ألا يذكرنا هذا بالفصح الحقيقي «لأن فصحنا أيضًا المسيح قد ذُبح لأجلنا» (1كورنثوس5: 7)· فالكتاب المقدس كله هو كتاب الخروف· ففي السفر الأول (التكوين) نقرأ أول إشارة له في إجابة إبراهيم على سؤال إسحاق - سؤال كل الأجيال - «أين الخروف للمحرقة؟··· الله يرى له الخروف للمحرقة» (تكوين22: 7-8)· وهو الذي أعلن عنه
النبي إشعياء «كشاة تُساق إلى الذبح» (إشعياء53: 7 مع أعمال8: 30-35)· وبمجرد ظهور المسيح للخدمة - بداية أيام الحفظ والفحص - يقدِّم المعمدان أوضح شهادة عن حقيقة الحمل المُرسَل من الله، والسبب الذي جاء من أجله «وفي الغد نظر (يوحنا) يسوع مقبلاً إليه فقال: هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم» (يوحنا1: 29)· وفي آخر أسفار الكتاب (الرؤيا) يُذكَر الخروف (الحمل) 28 مرة·
دروس للنفوس
في هذه الليلة تأكد الجميع أن الخروف بلا عيب· وهكذا المسيح حمل الله وحده الحاوي لكل الكمال، بشهادة الله الآب (متى3: 17)، وشهادة الناس (لوقا23: 4 ،47) وشهادة الشيطان (مرقس1: 24)·
في هذه الليلة كان للدم قيمة عظيمة· فمن الخارج رآه الله فعبر المهلك، وفي الداخل النجاة والخلاص للابن البكر· فأي قيمة لدم المسيح، ومَن يقدِّره إلا الله· ومَن يُقدِّر البركات التي ينالها كل من يحتمي به؟!
في هذه الليلة نرى محبة الله الذي دبّر وسيلة لنجاة الأبكار «هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به» (يوحنا3: 16)·
ونرى عدل الله الذي تكلم كثيرًا لفرعون قبل أن يقضي عليه· ونرى صدق الله الذي أعلن أن الموت هو أجرة الخطية، وها نحن نرى أنه لم يكن بيت ليس فيه ميت (خروج12: 30)·
تاريخ هذه الليلة
«هذا الشهر يكون لكم رأس الشهور»· كان هو الشهر السابع - نيسان - لكن في هذه الليلة تغيّر التاريخ، وبدأ الشعب تاريخًا جديدًا لحياة جديدة·
عزيزي القارئ: قبل أن تقف معنا على المحطات القادمة تحتاج أن يكون لك بداية جديدة وميلاد جديد لحياة جديدة تنالها بالإيمان بالمسيح المصلوب لأجلك· فلا تنظر لماضيك، لأن حياة الإنسان لا تُحسَب إلا من اللحظة التي يبدأ فيها سيره مع الله وهو متأكد من أمر خلاصه ونجاته من الدينونة؛ وهنا تقول «إذًا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة· الأشياء العتيقة قد مضت· هوذا الكل قد صار جديدًا» (2كورنثوس5: 17)·
كل واحد يأخذ
لاحظ القول «يأخذون لهم كل واحد شاة» (خروج12: 3) فلماذا كل واحد؟
لأن هناك تيه وزيغان فردي «ملنا كل واحد إلى طريقه» (إشعياء53: 6)·
وموت فردي لمن لا يرجع للرب «كل واحد يموت بذنبه» (إرميا31: 30)·
عقاب وحساب فردي، في الدينونة التي بعد الموت «سيجازي كل واحد حسب أعماله» (رومية2: 6)·
خلاص فردي، أعدّه المسيح بموته كالبديل «يذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد» (عبرانيين2: 9)·
إذًا أنت مسؤل أن تأخذ لنفسك، بلا ثمن، بلا ذهب، بلا فضة، بالإيمان فقط·
صديقي، ليتك تكون قد احتميت في دم المسيح، ونلت الحياة الجديدة، وتحررت من عبودية إبليس؛ لتسير معنا هذه الرحلة - التي ستنتهي قريبًا - مطمئنًا من بدايتها من جهة ماضيك وحاضرك ومستقبلك·