العطّار في الكتاب المقدس هو الشخص الذي يقوم بصناعة العطور والأطياب من خلاصات النباتات المتنوعة، مستخدمًا في ذلك أدوات متعددة، للعصر وللطحن وللخلط· ثم بعد إنتاج العِطر كان يوضع في أوانٍ محكمة الغلق أو مغلقة تمامًا، غالبًا ما يُطلق عليها "قوارير" ومفردها "قارورة" (متى 26: 7)· أول ما ذُكر العطَّار كان بالارتباط بصنع دُهن المسحة الذي كان تُمسح به خيمة الاجتماع (خروج 30: 25)، وكذا بصنع البخور العَطِر (خروج30: 35)· والاثنان معًا يكلِّمانا عن كمال المسيح وحياته الرائعة بكل تفاصيلها· ثم يأتي الذِكر التالي للعطارين في 2أخبار16: 14 في مراسم دفن آسا الملك والتي عُملت له كإكرام· من الفكرين معًا يمكننا أن نرى أن صنعة العطّار هي أن يعمل فينا لنظهر صفات المسيح وكماله وذلك رغبة في إكرام الله وتمجيده· والوحيد الذي يمكنه أن يكون عطّارًا يصنع ذلك في حياتنا هو إلهنا القدير· لكن التحذير الخطير الذي لا بد وأن نستمع إليه بخصوص العطّار والعطارة، هو ما قاله الحكيم: «اَلذُّبَابُ الْمَيِّتُ يُنَتِّنُ وَيُخَمِّرُ طِيبَ الْعَطَّارِ» (جامعة 10: 1)·
وهو هنا يحذِّرنا، كمؤمنين، أننا قد نفلح في حياتنا الروحية، ونحرز تقدمًا، ويبدأ طيب العطار يظهر فينا؛ لكن إذا سمحنا لبعض الأمور التي قد تبدو صغيرة، لكنها في الواقع مرتبطة بالموت، أن تدخل حياتنا؛ فستفسد كل جمال في حياتنا· قد يكون الذباب الميت عبارة عن علاقات غير سليمة، أو صداقات تؤثر تأثيرًا سلبيًا في حياتنا· وقد يكون بعض كلمات يقول عنها الكتاب إنها «رديّة» نسمح لأفواهنا أن تقولها، أو نكات نتناقلها عن الأشرار· وقد يكون مشاهدات مختلفة من التلفاز أو الأفلام والمسرحيات، والتشدّق بكلماتها، فما بالك بالمشاهدات الشريرة· أو ربما أحقاد في القلب، وخصومات مع الآخرين، عنف في التعامل، وتمرد على الوالدين، خرق للقوانين··· الخ· هيا صلِّ معي أن يكشف الرب لعينيك الذباب الميت الذي في حياتك، والذي يُفسد الطيب الحلو الذي يريد الله أن يصنعه· هيا اطلب منه بقلب صادق، وبرغبة خالصة، أن يخلِّصك من كل هذا الذباب الميت؛ فيفوح عطر المسيح من حياتك، ويا نعم مثل هذه الحياة!