إقرأ خروج15
سبق وقسّمنا رحلتنا إلى أربعة أجزاء. ومن هذه المحطة نبدأ في الجزء الثاني، إذ يقف بنا قطار الرحلة على أول محطة في صحراء سيناء. وهي البداية الحقيقية للبرية، فهي نقطة فاصلة في تاريخ الشعب، حيث وقفوا على الشاطئ ونظروا خلفهم وإذا البحر الذي كان طريق نجاتهم قد صار الآن مكان هلاك الأعداء. إنه منظر لا يُنسى وهم يرون جثث المصريين والأمواج تقذف بها على الشاطئ مثل صغار الأسماك الميتة. ويتساءلون أين مصر بمعاجنها؟ وأين فرعون بجبروته؟ وأين.. وأين.. الكل انتهى، وإلى الأبد. مشهد لا يصدّقه عقل، لكنه قد حَدَثَ. هنا - وبتلقائية - انطلقت الحناجر مرددة:
ترنيمة الفداء
وقت الترنيم: أو متى نرنم؟ «حينئذ».
اقرأ الآن معي هذا الجزء من الأصحاح السابق (خروج14: 30،31) ولاحظ ترتيب الكلمات العجيب «فخلَّص الرب... ونظر إسرائيل المصريين أمواتًا... ورأى إسرائيل الفعل العظيم... وآمنوا بالرب..»
والخلاصة: خلّص الرب.. آمنوا بالرب.. حينئذ رنموا
ففي مصر لا نسمع صوت ترنيم، حيث كانوا عبيدًا؛ والعبد لا يُسمع منه إلا الصراخ والأنين والتوجُّع. لكن هنا على شاطئ النجاة، وبعد الخلاص، وفعل الرب العظيم، والإيمان بالرب. هنا فقط يأتي الترنيم والفرح، كما قيل عن الخصي الحبشي عندما بشّره فيلبس في العهد الجديد «أنا أومن أن يسوع المسيح هو ابن الله... وذهب في طريقه فرحًا» (أعمال8: 37-39).
فريق الترنيم: أو مَن الذي يرنم؟ «رنَّم موسى وبنو إسرائيل».
فريق ترنيم يتكون من أكثر من 2 مليون مرنم، من الشيوخ والشباب والنساء والأطفال. هم جموع المفديين يرنمون ترنيمة عظيمة!
وأنت أخي القارئ. إن لم تكن قد آمنت بعد بالمسيح وموته وقيامته، ولازلت بعد عبدًا للشيطان وللخطية، فأنت من فريق الأموات بالذنوب والخطايا. والكتاب المقدس يقول «ليس الأموات يسبِّحون الرب..» (مزمور115: 17).
إني أخاف عليك أن تخدع نفسك وترنِّم مع المرنمين.. أو يخدعك الآخرين لأنهم بصوتك مُعجبين، فيضمونك لفريق المرنمين، وتعيش في الوهم أنك من المفديين، وأنت لا تزال في الذنوب والخطايا ميت دفين، ولم تحتمِ في دم المسيح الذي مات وقام. فإن كنت كذلك فاترك حالاً ما أنت فيه، وافتح فمك بالصراخ للمخلِّص طالبًا الخلاص، فيحرِّرك ويملأ قلبك بالسلام فترنم.
غرض الترنيم: أو لمن نرنم؟ «وقالوا أرنم للرب».
الترنيمة من بدايتها إلى نهايتها تتكلم عن الرب وللرب. إذ يتكرر فيها اسم الرب 14 مرة. فيجب أن ننشغل في ترنيماتنا بالمُخلِّص العظيم وخلاصه وفعله العجيب. ولا يصح إطلاقًا أن نرنم لأحد غير المسيح لأنه:
هو عظيم: «فإنه قد تعظّم» (ع1)، وقيل عن المسيح «هذا يكون عظيمًا» (لوقا1: 32).
هو القدوس: «معتزًا في القداسة» (ع11)، وقيل عن المسيح «القدوس المولود منك» (لوقا1: 35).
هو المتفرِّد في كل شيء: «من مثلك بين الآلهة يا رب» (ع11)، والمسيح لا يُقارَن بأحد من الناس.
هو الضامن: «تجيء بهم وتغرسهم في جبل ميراثك» (ع17)، والمسيح قال لتلاميذه - ولنا - «آتي أيضًا وآخذكم إليَّ» (يوحنا14: 3).
هو ملك الملوك: «الرب يملك إلى الدهر والأبد» (ع18)، والمسيح سيملك قريبًا ولا يكون لمُلكِه نهاية، وسيتم المكتوب «لكي تجثوا باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء، ومَن على الأرض، ومَن على تحت الأرض؛ ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب» (فيلبي2: 10،11).
حياة الترنيم: أو الترنيم في كل الظروف.
فالترنيم والفرح يلازمان المؤمن دائمًا: وهو بين الناس (أيوب33: 27)، وهو في الليل (أيوب35: 10)، وهو في النهار (مزمور119: 164)، وهو على فراشه (مزمور149: 5)، حتى وهو في السجن (أعمال16: 25).
فهل اختبرت هذا؟