النجّار هو من يعمل بتصنيع الخشب، ليحوِّل الشجر إلى أثاثات ومعدّات نافعة للاستعمال· ولم تكن من المهن المرموقة في زمن الكتاب، ولا تناولتها الألسنة بالاحترام إذ لم تكن تتطلب الكثير من المهارات·
على أنها مهنة غالية جدًا في عين كل المؤمنين، إذ تشرّفت بانتسابها إلى ربنا الكريم في حياته؛ فقد قيل عنه «ابْنَ النَّجَّارِ» (متى13: 55)، وأيضًا «أَلَيْسَ هَذَا هُوَ النَّجَّارَ؟» (مرقس6: 3)·
لكن مع اتضاعه هنا ورضاه بهذه المهنة البسيطة، إلا إننا نؤمن أنه أعظم من مجرَّد نجار، فهو «الله ظهر في الجسد» (1تيموثاوس3: 16)·
وما أروعه؛ ذاك الذي بدأ حياته بين الخشب في دكان يوسف نجار الناصرة، وفي شبابه كم عَمِلَ من أخشاب نفعت الناس أثق في إتقانها؛ إلا أن أروع ما عمله بالخشب كان يوم أنهى حياته على خشبة معلَّقًا ليفتديني ويفتديك (غلاطية3: 13؛ فيلبي2: 8)· لك السجود يا ربنا المعبود!
ونوح أول من يُذكر عنه أنه عمل بالنجارة، يوم قال له الله «اصْنَعْ لِنَفْسِكَ فُلْكا مِنْ خَشَبِ جُفْرٍ» معطيًا إياه كل مواصفاته (تكوين6: 14-16)، «فبنى فُلكًا لخلاص بيته» (عبرانيين11: 7)· وأول ما يجب أن نهتم بفعله، وهو لا يتطلب إمكانيات، هو أن نحتمي في فلك النجاة: ربنا يسوع· فهل فعلت؟! إن كان لا فاسرع·
كانت النجارة إحدى مهارات بصلئيل بن أوري الذي استخدمه الرب في عمل خيمة الاجتماع (خروج31: 2-5)· كما شارك النجارون بكثرة في بناء بيت الرب وترميمه (2ملوك22: 6؛ 2أخبار24: 12؛ عزرا 3: 7)· وبيت الله، في العهد الجديد، هو الكنيسة، أي جماعة المؤمنين· لذا فعلينا ألا ندّخر جهدًا في سبيل كل ما يبني المؤمنين ويكرم المسيح في وسطهم·
كذلك قام النجارون ببناء بيت داود، مكان راحته (2صموئيل5: 11؛ 1أخبار14: 1)· ونحن أيضًا يجب أن نعمل، بالقليل الذي نملكه، على أن تكون قلوبنا وحياتنا مكان راحة للرب يسوع، داود الحقيقي·
لكن التحذير يأتي من أن النجارين أيضًا شاركوا في صُنع الأصنام (إشعياء44: 13؛ 41: 6-7)· فلنحذر، فإمكانياتنا البسيطة في يدي الرب يمكن أن تفعل الكثير مما يمجِّده؛ لكن ما يمكن أن نخدم به الرب قد يتحول في أيدينا نحن إلى ما يبعدنا عنه ويجعلنا نكسر قلبه· دعونا نلاحظ كيف نستخدم ما بين أيد·