والمجلة في طريقها للمطبعة، التقطنا خبرًا، بل قُل أخبارًا، فلم يكن من الممكن أن نغفل ذلك، فعدنا للعمل·
في الصباح اهتزت الأجواء الرياضية في مصر بخبر وفاة لاعب كرة مشهور، توفّيَ أثناء تأديته للمران الصباحي مع ناديه؛ بدون سابق مقدِّمات، سكت قلبه وانتهت حياته· لم يُكمل عامه الثالث والعشرين، كان يتمتع بصحة جيدة بل وبنشاط وحيوية اشتهر بهما في الملاعب· وصل إلى قمة تألّقه ونجوميته، واحتل مساحة كبيرة من صفحات الرياضة في الجرائد خلال الفترة الأخيرة، في مناقشات حول النادي الذي سيلعب له السنوات التالية؛ إذ كان هو يأمل، كما توقع له الجميع، مستقبلاً باهرًا واعدًا في مجاله· كان قد قام بتسجيل أغنية ليغنيها لزميل له في مهرجان اعتزاله بعد أيام قلائل، كما وكان يستعد لأداء مباريات هامة بعضها دولية في الأسابيع القادمة· لكن كل هذا لم يكن؛ بل موعد نهاية الحياة قد حان!!
تأثّرت أكثر في المساء لما قرأت خبر وفاة لاعب كرة آخر، كان قد تعرض لحادث سيارة مع زميل له منذ أيام؛ مات فيه الزميل فورًا، أما هو فاستمر أيامًا في المستشفى ثم فارق الحياة· لقد كانت الحصيلة 3 لاعبين في أسبوع واحد!!
تساءلت: كم من آلاف من الشباب في بلادنا يحلمون بأمجاد لاعبي الكرة: الشهرة، والعلاقات، والعروض التي تنهال بالملايين؟! وكم من الشباب يسعى حثيثًا لأن يكون واحدًا منهم، أو على الأقل يعيش في حلم، أو ربما وهم، أنه بالفعل واحد منهم؟!
لكن السؤال الأقوى الذي اختلج في صدري، وخرج مع حشرجة ألم عنيفة ودمعة حزن عميقة: وكم من هؤلاء الشباب استعد لهذه اللحظة الأكيدة والتي قد لا تكون بعيدة؟!
وما أزاد الأمر عندي تعقيدًا، أنني كنت في مؤتمر منذ أيام قليلة، اعترض فيه بعض الشباب على أن تُذكر لهم سيرة الموت مطلقًا، على اعتبار أنه موضوع لا يناسب سنهم!!
أختم بأنني قد لاحظت في الصفحة الأولى من كل الجرائد اليومية التي ذكرت الحادث، نشر خبر جنازة أديب مصر الكبير الحائز على جائزة نوبل، والذي توفي عن عمر جاوز التسعين عام بسنوات· فالموت إذًا، لا يفرِّق بين صغير وكبير، بين من في العشرين أو أقل، ومن في التسعين أو أكثر؛ فليس له عمرًا محدَّدًا! لذا وجب على الجميع الاستعداد·
فهل من متّعظ من قراءة الأحداث؟! ارجوك افعل!