هذا الرقم ليس شائعًا في الكتاب المقدس كغيره من الأرقام، ومع ذلك يمكننا تتبع ذكره ست مرات في الكتاب المقدس، ثلاث مرات منها في العهد القديم، وثلاث مرات في العهد الجديد. وهذه المرات الست تُذكر بالارتباط بثلاثة أشياء، كما سنرى الآن.
وحيث إن الرقم (18) هو حاصل ضرب الرقم 3 × الرقم 6، فيمكننا أن نتصور أنه رقم يُعبِّر بوضوح عن الشرِّ والعجز والنقص، على اعتبار أن الرقم 3 - كما مَرَّ بنا سابقًا - هو رقم التحديد والوضوح، والرقم 6 هو رقم الشرّ والنقص والعجز.
أول ما نقرأ عن هذا الرقم هو بالارتباط بهيكل سليمان، حيث كان في الهيكل، في الرواق (البهو) الخارجي، يُوجد عمودان كبيران، اسم أحدهما ”ياكين“، واسم الآخر ”بوعز“. ونلاحظ اهتمام الوحي بهذين العمودين، فيَذكر لنا تفصيلات كثيرة بخصوصهما في ثلاثة فصول في العهد القديم.
ففي 1ملوك 7 نقرأ عن هذين العمودين، ويعطينا الفصل تفصيلات عنهما في الآيات 13-22. ومن ضمن هذه التفصيلات، يذكر أن طول كل من العمودين هو 18 ذراعًا (1ملوك 7: 15).
ولكننا للأسف نقرأ في سفر الملوك الثاني كيف أتى نبوخذنصر بعد مئات السنين، ودمَّر الهيكل العظيم الذي بناه الملك سليمان. ويذكر لنا الكتاب المقدس تفصيلات الهجوم على المدينة، وحرق الهيكل. ومن ضمن هذه التفصيلات يحدِّثنا عن هذين العمودين. وهناك أيضًا يذكر لنا أن طول العمود الواحد كان 18 ذراعًا (2ملوك 25: 17).
ومرة أخرى يحدِّثنا إرميا النبي عن تفصيلات هجوم نبوخذنصر على أورشليم، وتدميره للهيكل. وفي أثناء سرد هذه التفاصيل يخبرنا أن طول العمود كان 18 ذراعًا.
والآن ماذا نتعلم من ذلك؟ وإلى أيّ شيء يشير العمود؟ إن العمود عادة يُقام للشهادة على شيء ما «وقال لابان ليعقوب: هوذا هذه الرُّجْمَةُ، وهوذا العمود الذي وَضَعْتُ بيني وبينك. شَاهِدَةٌ هذه الرُّجْمَةُ، وشاهدٌ العمود» (تكوين 31: 51، 52). إذًا فالعمود يعني شهادة.
ولقد بُني الهيكل في عهد الملك سليمان ليكون شهادة للرب. ولكن واضح أن هذه الشهادة فشلت، نتيجة شرِّ الشعب وشرّ الملوك؛ ورأى الرب أنه لا فائدة من رمز بلا معنى، فأرسل الملك نبوخذنصر، ودمَّر هذه الشهادة الفاشلة. هذا هو المعنى الذي نتعلمه من الرقم 18 في العهد القديم.
وأما في العهد الجديد فإننا نقرأ عن هذا الرقم ثلاث مرات في مناسبتين. وهاتان المناسبتان وردتا في أصحاح واحد هو لوقا 13.
المناسبة الأولى عندما سقط برج سلوام على ثمانية عشر شخصًا وقتلهم. والمسيح علَّق على هذا الحادث قائلاً: «أتَظُنُّون أن هؤلاء كانوا مذنبين أكثر من جميع الناس الساكنين في أورشليم؟ كلا أقول لكم، بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تَهلِكُون» (لوقا 13: 4، 5).
إننا نقرأ هذه المرة لا عن فشل الإنسان، بل عن قضاء الله ودينونته على الأشرار. فمن جانب الإنسان فشل في الشهادة، ومن جانب الله هناك قضاء ودينونة.
والمرة الثالثة في الأصحاح نفسه عندما كان الرب يسوع في مجمع لليهود، ورأى هناك امرأة بها روح ضعف ثماني عشرة سنة، وكانت منحنية لم تقدِر أن تنتصب البتّة (لوقا 13: 11). ولقد قال الرب يسوع عنها بعد ذلك: «هذه، وهي ابنة إبراهيم، قد ربطها الشيطان ثماني عشرة سنة» (لوقا 13: 16). وهنا نجد فكرة الضعف البشري، مقرونة بإذلال الشيطان للبشر.
ولكن حمدًا لله، فقد وصل الشافي والمحرِّر من ذُلّ الشيطان، حيث نقرأ أن الرب لما رآها، دعاها، وقال لها: «يا امرأة إنك محلولة من ضعفك». فإن كان الشيطان يربط، فإن المسيح يحِلّ. ثم وضع المسيح عليها يديه، ففي الحال استقامت ومجَّدت الله.
عزيزي.. عزيزتي: ربما يكون عندك من العمر 18 سنة. وربما استطاع الشيطان أن يقيَّدك بالكثير من العادات الرديئة. قد تكون اختبرت الفشل في نفسك، كما في قصة العمودين في العهد القديم. وقد ترتعب من فكرة القضاء الإلهي دون توقّع، كما في حادثة برج سلوام. لكن ثِقْ؛ فإنّ المسيح المحرِّر ليس بعيدًا عنك. لاحظ أن الرب هو الذي رأى المرأة، وهو الذي دعاها، وهو الذي قال لها. وكان على المرأة فقط أن تلبّي النداء إثر دعوة المسيح لها. وهذا ما أرجوه لك يا من تقرأ هذا المقال.
اسمع الدعوة، وتجاوب معها، ليمكنك أن تفعل مثلما فعلت تلك المرأة المنحنية، إذ «استقامت ومجَّدت الله».