فَاجأني ذلك الشكل الهرمي المثالي للجبل، حين كنتُ في البَرِّ الغربي لمدينة الأقصر، فى زيارة لوادي الملوك والملكات الذي يعود لعصور الفراعنة. فبادرت بسؤال المرشد السياحي الذي كان يرافق رحلتنا: لماذا أرى شكل الجبل هرمي في هذه المنطقه؟
فوجئت حين أجابني قائلاً: لقد وقع بصرك تمامًا على سبب اختيار قدماء الفراعنة لهذه المنطقه بالذات لتكون مكان دفن ملوكهم وملكاتهم. فقد كان المصري القديم يؤمن بالإله “رع” (الشمس)، ويؤمن بأن الإله رع يشرق على الأرض 12 ساعة ثم يختفي تحت الأرض 12 ساعة. وكان يعتقد أن ما تحت الأرض هو العالم الآخر، والإله رع يهتم بعالمهم الحاضر 12 ساعة ثم يهتم بالعالم الآخر 12 ساعة الباقية في اليوم والتي يختفي فيها تحت الأرض!! وكان كل يوم في نهاية الـ12 ساعة في عالمهم يجمع أرواح الذين ماتوا ودُفنوا في هذا اليوم، ثم يأخذهم معه ويذهب بهم للعالم الآخر. ولذلك كان الملوك يأمرون ببناء قبورهم على شكل أهرام، معتقدين أن أرواحهــم، عندمــا يموتون، تصعد على السلم المائل للهرم حتى تصل إلى قمته فتلتقي مع الشمس، “رع”، وقت الغروب، فيأخذها معه إلى العالم الآخر؛ وبذلك يضمن الملك وصوله لنقطة الالتقاء بينه وبين الإله رع. وعلى هذا الأساس اختار ملوك الأقصر هذه المنطقة بالذات، لأن الشكل الطبيعي للجبل في هذه المنطقة هو شكل الهرم، معتقدين أن الملوك المدفونين في هذه المنطقة تَصعَد أرواحهم إلى قمة الجبل وقت الغروب، وبذلك يضمنون الطريق للوصول إلى رع.
هنا توقفت متأمّلاً.. فلم يكن الفراعنة فقط هم الذين يسعون للوصول للإله بطريقتهم الخاصه، بل إن كل الأجيال على مدار كل العصور حاولت الوصول للإله بمختلف الطرق.
فقد حاول قايين التقرب لله عن طريق عمل يديه عندما قدم «من أثمَار الأَرض قُربانًا للربِ» (تكوين 4: 3). فقد ظَل يزرع شهورًا وشهورًا ثم حصد، فاختار من خِيار محاصيله، التي صنعت يداه، قُربانًا؛ وأراد أن يقدِّمه للرب، ولكن الرب «إلىَ قايين وقُربانهُ لم ينظر» (تكوين3: 5). فلم يكن هذا هو الطريق إلى الله.
بل ان شابًا غنيًا تجاسر وسأل الـرب يسوع مباشرة هذا السؤال المخزي: «أيها المُعلم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الابدية؟» (لوقا18: 18). لقد ظَنَّ أن الطريق إلى الله يمكن أن يسلُكه بأعمالِه، مُعتقدًا أن أعماله ربما ترفعه وترفع مكانته ليصل إلى الله. ولكن هذا لم يكن الطريق، فقد عاد الرجل حزينًا من أمام الرب!!
أما ما عمله أهل بابل كان هو أغبى محاولات الإنسان على مَرّ العصور للوصول لله. نجدهم لم يحاولوا أن يصلوا بأعمالهم أو بكلماتهم أو بطريق أخرى، بل حاولوا الوصول لله حرفيًا فقالوا لبعضهم: «هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجًا رأسه بالسماء» (تكوين 11: 4). فشرعوا في بناء هذا البرج الضخم، معتقدين أنه ربما يكون الطريق الذي به يستطيعون أن يصلوا لله في السماء، لكن هذه المرة ليس ليرضوه بل ليتحدّوه. ولكن الله نظر إلى هذا المشهد الأسيف، فرأى فيهم حماقة وجهل الإنسان وكبريائه «فبَدَّدَهُم الرب من هناك على كل وجه الأرض فكَفُّوا عن بناء المدينة» (تكوين 11: 8).
وهنا صديقي ربما تتسأل: فكيف إذًا أصل إلى الله؟! أو ما هو الطريق الصحيح للوصول لله؟
لقد وجَّه توما هذا السؤال مباشرهً إلى الرب يسوع المسيح، فقال للرب: «كيف نقدر أن نعرف الطريق؟» (يوحنا 14: 5). حقًا إنه سؤال واقعي، على كلٍّ مِنّا أن يسأله وليس توما فقط؛ فكيف نعرف الطريق إذا كانت كل محاولاتنا للوصول لله فاشلة؟ بل إن كل محاولات الذين سبقونا لم تأتِ أبدًا بالنجاح! ولقد أجاب المسيح توما مرشدًا إياه الطريق الوحيد للوصول لله ونوال الخلاص والحياة الابدية «فقال له يسوع: أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي» (يوحنا 14: 6).
فقد جاء المسيح لأرضنا ليُصالحنا مع الله، ويكون هو الوسيط الذي يمكن أن يُمسك بيد الإنسان ويصل به إلى الله، فصار هو الطريق الوحيد للوصول لله؛ فكل من يؤمن به تصير له الحياة الأبدية، لقد شهِد عنه المعمدان قائلا: «الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة؛ بل يمكث عليه غضب الله» (يوحنا 3: 36).
بتـدوَّر ع الطــريق مشغول بالهَمِّ ليه؟ يسوع هو الطريق يسوع هو البداية |
|
فى زمان مليان بضيق ما تقوم أُصرخ إليه يسوع أعظم صديق يسوع هو النهاية |
يسوع هو الحياة |