هي مهنة خاصة جدًا كان يمتهنها الحكماء. ودور المشير، كما يظهر من اسمه، هو تقديم المشورة في المواقف الخاصة. والمشير في المعتاد كان من المقرَّبين للملك (1أخبار27: 32-34). وكان البعض يستأجر المشيرين (عزرا 4: 5). وقد أكَّد سليمان الحكيم على أهمية المشورة عدة مرات في سفر الأمثال (11: 14؛ 12: 20؛ 15: 22؛ 24: 6). لذلك كان قضاءٌ من الرب أن يقطع المشيرين من الشعب (إشعياء3: 1-5)
ومن مشاهير المشيرين كان أخيتوفل، والذي كان بالأصل مشيرًا لداود الملك الممسوح من الله (2أخبار27: 33). ومع أنه كان حاذقًا في مشورته، إلا أنه جرَّ على نفسه الوبال عندما خان سيده. فالذي حدث أنه انحاز إلى أبشالوم (ابن داود) عندما تمرَّد على أبيه، بل كان أخيتوفل قائد هذا التمرد الحقيقي. غير أن الربّ استجاب طِلبة داود «حمِّق يا رب مشورة أخيتوفل» (2صموئيل15: 31)، فمع أنه حَبَكَ خطة حربية قوية للقضاء على داود، إلا أن الربّ استخدم كلام مشير آخر، هو حوشاي الأركي، ليقنع أبشالوم بألا يتبع مشورة أخيتوفل. ولما رأى أخيتوفل أن مشورته لم يؤخذ بها؛ مضى وانتحر، ونال مصيرَ آخرٍ خان سيده بعد ذلك (اقرأ القصة في 1صموئيل15-17).
لكننا أيضًا نعرف واحدًا آخر كانت هذه هي مهنته في العهد الجديد، هو يوسف الرامي، لم نسمع مشورته لمَلك أو لمجمع السنهدريم؛ لكننا نعلم أنه عمل عملاً عظيمًا لتكريم جسد الربّ يسوع بعد موته على الصليب، فطلب الجسد ليدفنه في قبر جديد لم يستعمله أحد؛ فخلَّد الوحي عمله العظيم هذا أكثر من مهنته المرموقة (اقرأ القصة في مرقس15؛ لوقا 23؛ يوحنا 19).
وهناك مشورة حسنة، كتلك التي أشارها الشعب على يهوشافاط يوم رنّموا للرب وحمَّدوه (2أخبار20). أو كمشورة الشيوخ الحكماء على رحبعام يوم تولى الملك (1ملوك12: 6-7)؛ لكنه بكل أسف رفض تلك المشورة الحكيمة.
وللأسف فهناك أيضًا المشورة المُهلكة كتلك التي قبلها رحبعام (1ملوك12: 8-11). أو كتلك المشورة الحمقاء التي سار وراءها ملك آخر إذ عمل عجلين من الذهب ليسجد لهم الشعب فنال لقب رديء للغاية «يربعام الذي أخطأ وجعل إسرائيل يخطئ» (1ملوك12: 28-29؛ 14: 16؛ اقرأ أيضًا 2أخبار 22: 1-9؛ 25: 14-24؛ دانيآل 6: 6-9).
ودعني أسألك صديقي: مِمَن تستقي مشورتك؟! احذر فمشورة صالحة سترفعك إلى أعلى، ومشورة ردّية ستكلّفك الكثير، بل أكثر مما تتصور.
لذا تعالَ أعرِّفك على ذاك الذي قيل عنه «ويدعى اسمه... مشيرًا» (إشعياء 9: 6)، إنه الوحيد الذي يعطي المشورة ولا يحتاج لمُشير (إشعياء40: 14؛ رومية11: 34)، والذي قال بالنبوة عن نفسه «لي المشورة والرأي. أنا الفهم. لي القدرة» (أمثال8: 14).
هيا اتخذه صديقًا ومشيرًا لك في كل مواقف حياتك، فتفلح.