هي مخافة الرب في السرِّ والعَلَن. إعطاؤه المهابة والاحترام، والتوقير والإكرام. وهي تنبُع من معرفة وثيقة، وعلاقة حميمة مع الرب. إنها تختلف عن الخوف من الرب نتيجة العصيان والشعور بالمذنوبية، أو الخوف من نتائج الخطية.
الإشارة الأولى للتقوى
أول مرة في الكتاب نقرأ عن مخافة الرب هي في تكوين20: 11، عندما تغرَّب إبراهيم في جرار عند الفلسطينيين، وقال عن سارة: «هي أختي». وعندما سأله أبيمالك، ملك جرار: «ماذا رأيت حتى عملت هذا الشيء؟» قال: «إني قلتُ: ليس في هذا الموضع خوف الله البتة». وفي هذا نرى حالة العالم بعد السقوط بصفة عامة. وهذا يجعل مخافة الرب عند إنسان الله ضرورة حتمية. وأول شخص قيل عنه: «خائف الله» كان هو إبراهيم (تكوين22: 12).
سمات التقوى
هذه السمات يجب أن تُميِّز حياة كل مؤمن ومؤمنة، وبصفة خاصة كل خادم وخادمة، حيث أننا نتعامل مع الله الذي يعرف السرائر ويفحص الأعماق:
- الشعور الدائم بحضور الله. قال يعقوب: «الرب في هذا المكان... وخاف وقال: ما أرهب هذا المكان» (تكوين28: 16، 17). ويقول كاتب المزمور: «جعلت الرب أمامي في كل حين» (مزمور16: 8).
- المحبة للرب والطاعة لصوته والتضحية لأجله. «الآن علمت أنك خائف الله فلم تُمسلك ابنك وحيدك عني» (تكوين22: 12).
- الاحترام والتصديق والارتعاد أمام كلمة الله وكل رسالة منه. «نوح لما أُوحي إليه عن أمور لم تُرَ بعد، خاف...» (عبرانيين11: 7).
- العبادة والسجود بخشوع. «اعبدوا الرب بخوف، واهتفوا برعدة» (مزمور2: 11).
- احترام محضر الرب. «مقدسي تهابون» (لاويين19: 30). وهذا ما يليق بالخادم ليكون قدوة للآخرين. فيحترم ميعاد الاجتماع، ويجلس بخشوع، ويكون مظهره لائقًا، وينحصر في الرب الحاضر في الوسط، ولا يشرد بأفكاره بعيدًا. وبكل قلبه يطلب الرب لأجل البركة والاستخدام الناجح. ولا يخرج من الاجتماع قبل انتهائه.
- بُغض الشر والحيدان عنه (أمثال8: 13؛ 16: 6). البعض يتجنّبون الخطية خوفًا من التأديب أو الزرع والحصاد. لكن الخائف الرب يبغض الشر وينفر منه، ويقف في صف الرب ضد رغبات الجسد.
- حياة التسليم والثقة في الرب. «مَن هو الإنسان الخائف الرب؟ يُعلِّمه طريقًا يختاره» (مزمور25: 12). إنه لا يثق في نفسه وفي اختياراته، ويخاف أن يأخذ قرارًا بدون الرب. ويرتعد من الخطإ، مثلما حدث مع إسحاق (تكوين27). لهذا فهو يُسلِّم أموره للرب ويتكل عليه. والرب يُعلّمه الطريق الصالح الذي يختاره.
- الشركة مع الأتقياء. «رفيق أنا لكل الذين يتقونك» (مزمور119: 63). «حينئذ كلَّم متقو الرب كل واحد قريبه. والرب أصغى وسمع... للذين اتقوا الرب، المفكرين في اسمه» (ملاخي3: 16).
- حياة الصلاة: «لهذا يُصلِّي لك كل تقي في وقت يجدك فيه» (مزمور32: 6).
- السيرة الطاهرة. يُحرِّض الرسول بطرس الحدثات قائلاً: «ملاحظين سيرتكم الطاهرة بخوف» (1بطرس3: 2). فالباعث على نقاوة السلوك والتصرفات والعلاقات، هو خوف الرب. وهذا ما يليق بكل مؤمنة لا سيما مَن هُنَّ في ميدان الخدمة.
- حياة الشكر. «ليكن عندنا شكر به نخدم الله خدمة مرضية بخشوع وتقوى» (عبرانيين12: 28).
بركات التقوى
قال بولس لتيموثاوس: «التقوى نافعة لكل شيء، إذ لها موعد الحياة الحاضرة والعتيدة» (1تيموثاوس4: 8). فالرب يَرضى (يُسَرُّ) بأتقيائه بالرَّاجين رحمته (مزمور147: 11). ويسمع صراخهم وتضرعاتهم، «سُمِعَ له من أجل تقواه» (عبرانيين5: 7). ويميزهم عن الآخرين، «اعلموا أن الرب قد ميَّز تقيَّه» (مزمور4: 3). يحفظهم من الذلل، «أرجل أتقيائه يحرس» (1صموئيل2: 9). ينقذهم من التجارب وفخاخ العدو، «يعلم الرب أن ينقذ الأتقياء من التجربة» (2بطرس2: 9). يُعلن سِرَّه وأفكاره لهم، «سر الرب لخائفيه» (مزمور25: 14). لهم البركة والطوبى والسعادة، «طوبى للرجل المتقي الرب، المسرور جدًا بوصاياه» (مزمور112: 1). «هكذا يُبارَك الرجل المتقي الرب» (مزمور128: 4). البركة تمتد لنسله، «كنت فتىً وقد شختُ ولم أرَ صِدِّيقًا تُخلِّيَ عنه، ولا ذُريَّة له تلتمس خبزًا» (مزمور37: 25)، «وكان بعد موت إبراهيم أن الله بارك إسحاق ابنه» (تكوين25: 11).
التقوى رياضة، مثل باقي جوانب الحياة الروحية، تحتاج إلى تمرين وممارسة وتعوُّد. وهذا ما قاله بولس لتيموثاوس كخادم صغير. إنه يحتاج أن يحفظ نفسه طاهرًا من جهة الفكر والعواطف والتصرفات. وكل شاب، أو فتاة، عليه أن يتدرب على ضبط النفس، وملاحظة ما يشاهده أو يسمعه أو يقرأه. ويلاحظ نوعية صداقاته، والأماكن التي يتردد عليها. ويتدرب على فحص النفس والاعتراف بالأخطاء، وسرعة الرجوع إلى الرب وإلى المسار الصحيح. والاستفادة من الأخطاء والسقطات السابقة. والاستفادة من المعاملات الإلهية التأديبية. ومعرفة أساليب العدو. والاعتياد على الوجود في محضر الرب، والحديث معه بصدق وإخلاص. وإدراك أنه يرانا عندما نتوارى الواحد عن الآخر.
وهذا هو الخادم الناجح الذي يُسَرُّ الرب بأن يستخدمه.