التقى الصديقان من جديد، وابتدأ صديقنا الشاب الحديث مُفاتحًا صديقه الشيخ بفكرة تدور بذهنه أراد أن يعرف رأيه فيها.
- أريد أن أشاركك بفكرة غريبة تراودني كثيرًا.
* وما هي يا ترى ؟
- لا أريد أن أكبر روحيًا.
* لماذا ؟!
- الطريق طويل ولست أدري متى أصل
* وهل تعتبر طول الطريق سببًا كافيًا لكي لا تمشيه؟
- أعتقد، وفي نفس الوقت يكفينى ما وصلت إليه.
* وما الذي وصلت إليه؟
- يكفيني أني ضمنت أبديتي في المسيح، وأن أصلي إليه فيستجيب، ويعزينى حين أقرأ في الكتاب أو أرنم.
* كلامك هذا يذكرني بطفل صغير سأله أبوه وهو يركب بجانبه في سيارته الفاخرة عن ماذا يريد أن يكون حين يكبر، فأجابه الطفل أنه لا يريد أن يكبر. فسأله الأب مندهشًا : لماذا؟ فكانت إجابته: «لأني إن كبرت لن أستطيع أن أركب دراجتي الصغيرة التي أستمتع بها ».
- يا له من تفكير طفولي.
* ولماذا حكمت بذلك؟
- لأنه تمسك بمتعة بسيطة، سيكون بديلها أعظم حين يكبر ويستمتع بركوب سيارة أبيه الفاخرة .
* وهذا أول ما أوّد أن أوضحه لك. أن بقاءك صغيرًا روحيًا سيحرمك من بركات روحية لا تُحصى. فإن كنت مكتفيًا بالقليل، فاعلم أن الله يريد أن يمتعك بما قد لا يخطر لك على بال الآن.
- لكن الوصول لهذه الأمور العظيمة يتطلب وقتًا وجهدًا.
* نعم، لكن الأمر يستحق الوقت والجهد. ثم من الناحية الأخرى هناك مخاطر الطفولة الروحية.
- وما هــــى ؟
* يكفي أن تكون كما يقول الكتاب «محمولًا بكل ريح تعليم» (أفسس4: 14)، أي يستطيع الشيطان أن يزعزعك في كل شيء وينزع يقينك فيما تعرفه من حق فتصبح كريشة في مهب الريح، ولا تدري إلى أين تذهب.
- من فضلك وضّح لي أكثر.
* تخيّل معي مَنْ صار في سن الشباب لكنه لا يزال طفلًا في طعامه لا يستطيع إلا شرب اللبن، وفي قدراته لا يقدر على حمل حقيبة كتبه، وفي أفكاره لا يفكر إلا في بعض الحلوى، وفي احتماله لا يقوى على مواجهة أبسط الأمور.
- وضع مؤسف للغاية.
* هكذا الطفولة الروحية أمر خطير ومؤسف في ذات الوقت.
- وبمَ تنصحني؟
* أكمل طريقك متكلًا على الرب، عالمًا أنك لن تصل من يوم وليلة، لكنك ستتمتع حتمًا بالطريق الذي سيسير الرب بك فيه. وضع أمامك المقياس العظيم المذكور في أفسس4 «إنسانٍ كامل ... قياس قامة ملء المسيح» وثق أن الله يذخر لك الكثير.
- أعِدك أن أحاول.
* ولن تندم يومًا على أنك سرت هذا الطريق.