هو شخص أممي من مدينة كولوسي بمقاطعة فريجية بأسيا الصغرى، وهو من الذين حملوا بشارة الإنجيل إلى مدينة كولوسي بعد أن عرف الرب، غالبًا، عن طريق خدمة الرسول بولس في مدينة أفسس، وقد كان سبب بركة كبيرة للكنيسة في كولوسي.
أبفراس معنى اسمه ”جذاب وجميل“، والذي يعطي للمؤمن جاذبية أن صفات المسيح بجمالها تُطبع عليه، وهذا يأتي من الشبع الدائم والتلذذ المستمر بالرب يسوع.
يأتي كلام قليل عن شخصية أبفراس في كلمة الله - خمسة أعداد في ثلاثة فصول (كولوسي1:7،8؛ 4:12،13؛ فليمون 23) - لكننا نجد الكثير من الاستفادة الروحية لنا كمؤمنين من حياة هذا الرجل التقي.
- معلم: إذ يقـول بولس فـي كولوسي1: 7 «كما تعلَّمتم أيضًا من أبفراس». والـذي يُعلم كلـمة الله يحتاج أن يقرأها يوميًا، يفهمها ويدرسها، ويتعمق فيها ويشبع بها، ويطبِّقها على حياتـه ثـم يعلمها للآخـرين (1تيموثاوس4:16)، وهذا يتطلب جهدًا وتعبًا (1تيموثاوس5:17).
- كان يحمل الأخبار السارة المفرحة: فقد حمل أولاً أخبار الإنجيل السارة إلى مدينة كولوسي، فتأسست الكنيسة هناك، وأيضًا حمل أخبار إخوة كولوسي ومحبتهم للرسول بولس (كولوسي1: 4، 8). ومن أبفراس نتعلم أن نحمل أخبار الإنجيل للخطاة المساكين حتى يؤمنوا بالمخلِّص فيخلصوا، كذلك نحمل أخبار إخوتنا المفرحة للآخرين، فالخبر الطيب يسمِّن العظام (أمثال15: 30؛ 25: 25).
- العبد الحبيب: فهو محبوب من الله ومحبوب من المؤمنين، والذي جعله محبوبًا أنه يحب الآخرين ويخدمهم والمحبة هي ثـمر الروح القدس (غلاطية5:22)، وهـي الصـفة التـي تميِّز تلاميذ الرب يسوع (يوحنا13:35).
- خادم للمسيح: لقد أحبّ أبفراس الرب، فخدم المؤمنين في كولوسي، الإنسان الطبيعي يريد أن يخدمه الآخرون، أما خادم المسيح فيريد أن يخدم الآخرين متمثلاً برب المجد الذي تعب كثيرًا من أجل الآخرين فجال يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس والذي قال: «إن ابن الإنسان لم يأتِ ليخُدم بل ليَخدم». إن خادم المسيح منكر لذاته، ولديه الاستعداد أن ينحني عند أرجل إخوته المتسخة ويغسلها وينشِّفها بالمنشفة.
- رجل أمين: العالم الذي نعيش فيه مملوء بالكذب والخداع والغش، والأمانة في هذه الأيام الأخيرة صفة نادرة جدًا، إذ مكتوب «أكثر الناس ينادون كل واحد بصلاحه. أما الرجل الأمين فَمَن يجده» (أمثال20: 6). ولكن الروح القدس شهد عن أبفراس أنه «خادم أمين للمسيح»، فقد كان أمينًا في خدمة المؤمنين في كولوسي وأمينًا في تعليمهم كلمة الله، أمينًا في العيشة التقوية.ليعطنا الرب حياة الأمانة لأن الرجل الأمين كثير البركات (أمثال28: 20).
- عبد للمسيح: في كولوسي4:12 نجد القول: «يسلِّم عليكم أبفراس الذي هو منكم عبد للمسيح»، ويا له من شرف عظيم أن يكون أبفـراس عبدًا للمسيح.
صحيح أننا صرنا أحباء للرب (يوحنا15: 15)، وكذلك يدعونا الرب إخوة (يوحنا20:17، رومية8:29)؛ ولكن من جانبنا لا بد أن نعلن أن المسيح ربٌّ علينا ونحن عبيد له، وذلك بصورة عملية في حياتنا، فالعبد يتميز بالطاعة فهو لا يعمل إرادة نفسه بل إرادة سيده، والعبد يكرم سيده (ملاخي1:6)، وعينياه نحو سيده (مزمور123: 2). وعبد المسيح لا يُرضي الناس بل الرب (غلاطية1: 10).
- رجل صلاة: ما أروع ما كتبه الروح القدس عن أبفراس «مجاهد كل حين لأجلكم بالصلوات». فلقد كان رجل الجهاد، كان يجاهد في الصلاة من أجل مؤمني كولوسي لكي يثبتوا كاملين وممتلئين في كل مشيئة الله.
كثيرون منا يتعبون في الخدمة الجهارية والزيارات والعمل الفردي وهذا حسن ومقبول، ولكن أبفراس بالإضافة إلى ذلك كان يجاهد في الصلاة، يجاهد في المخدع حيث الأبواب المغلقة، يجاهد في الخفاء بعيدًا عن ضوضاء العالم ولا بد أن ثـمر هذا الجهاد ظهر في خدمته العلنية، لأن أي تعب في الخدمة دون أن يرتبط بالجهاد في الصلاة فهو نحاس يطن وصنج يرن.
ليعطنا الرب أن نصلى كثيرًا وبجهاد من أجل إخوتنا ليس فقط من أجل أعوازهم واحتياجاتهم الزمنية بل لكي يثبتوا كاملين ممتلئين في كل مشيئة الله، ونثق أن للصلاة تأثير عظيم في خلاص النفوس وبنيان المؤمنين.
- رجل غيور: يشهد الرسول بولس بالروح القدس عن أبفراس «أن له غَيرة كثيرة» (كولوسي4:13). قد يُعذر المؤمن الذي ليس له موهبة، ولكن لا عذر للمؤمن إذا لم يكن غيورًا لأننا نتبع ذاك المكتوب عنه «غيرة بيتك أكلتني» (مزمور69: 9).
ليعطنا الرب أن نكون رجالاً غيورين، تلك الغيرة التي مصدرها الطبيعة الجديدة والتي غايتها أن يتمجد الله في كل شيء بيسوع المسيح. - له محبة تاعبة: المحبة ليست مجرد أقوال أو كلمات جميلة نقولها لكنها أفعال وتعب، وهذا ما نجده في أبفراس، إذ من محبته للرسول بولس سافر من كولوسي إلى روما، وبالتأكيد تحمَّل الكثير من مشقات السفر، ثم بحث فـي سجون روما عـن مسجون اسمه بولس، ولم يخجل بسلسلته حتى وجـده وحمل إليه أخبار مؤمني كولوسي المفرحة.
ومن محبته أيضًا لمؤمني كولوسي، وخوفه عليهم من الفلسفة البشرية وتقليد الناس، أخبر الرسول بولس بذلك، وهو بدوره كتب رسالة كولوسي التي تتكلم عن أمجاد المسيح المتنوعة حتى يُحفظوا من الانحراف التعليمي.
وبذلك كان أبفراس يُظهر محبة عملية تاعبة من أجل القديسين، ولا بد أنه سيكافأ أمام كرسي المسيح «عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب» (1كورنثوس15: 58). - أبفراس المأسور: لقد كان أبفراس مأسورًا مع الرسول بولس في سجن روما من أجل المسيح يسوع، وشرف له أن يكون أسير المسيح يسوع وكذلك أسيرًا مع بولس الرسول. وبالتأكيد ارتبط السجن بالألم والضيق.
فهل لدينا الاستعداد أن نتألم من أجل المسيح حتى لو وصل الأمر إلى السجن؟ نحن لنا التشجيع في كلمته المباركة «بل كما اشتركتم في آلام المسيح افرحوا لكي تفرحـوا في استعلان مجده أيضًا مبتهجين. إن عُيِّرتم باسم المسيح فطوبى لكم لأن روح المجد والله يحل عليكم» (1بطرس4: 13، 14).
* * * *
أمام تلك الصفات المباركة والحلوة في أبفراس لنتعلم الكثير لكي نعيش حياة مكرسة للرب.