“لماذا تبكين يا ماما … لا تخافي”
هكذا قالت الطفلة الصغيرة التي لا تتجاوز الست سنوات والنصف من عمرها: ”لماذا تبكين يا ماما؟“ عندما رأت دموع أمها ولمسات الحنان تلاعب شعرها الناعم وهي في وضع لا تُحسد عليه، بعد عملية جراحية في صدرها ناحية القلب، وقد زُرع فوق قلبها الصغير أنبوب سوف يلازمها طوال مدة علاجها الطويل.
إن الألم الذي يجتاز جسدها الناعم هو ذات الألم الذي يعتصر قلب الأم الحنون التي كرَّست حياتها لخدمة عائلتها وتربية بناتها الأربعة. فهي الأم التي لا تهدأ ولا تستكين حتى تؤمن حاجات بناتها ليل نهار.
إن الرب يتكلم بواسطة من؟ بواسطة طفلة صغيرة تربت على الإنجيل المفتوح والصلوات والترانيم والتسابيح التي تعظم شخص الرب وتمدحه.
”لا يمكن أن أنسى ذلك اليوم الذي تكلم به الرب من خلال ابنتنا.“ قالت الأم.
”لماذا تبكين يا ماما؟“
”كيف لا أبكي يا حبيبتي وأنا لا أريد أن أراك في المستشفى تتألمين وأنت تعلمين كم أني أحبك أنت وأخواتك“.
أجابت الابنة بكل جرأة وثبات: ”لا تخافي يا ماما؛ فأنا قد سلَّمت حياتي للرب يسوع منذ زمن ليس ببعيد“. هالَ جواب الابنة الأم الحزينة، واختلطت دموع الفرح بدموع الحزن، وقالت: ”ما الذي أسمع؟! ماذا قلتِ يا حبيبتي؟ قد سلَّمت حياتك للرب يسوع؛ متى؟ وكيف؟“.
أجابت الابنة: ”لقد رَوَت لي أختي قصة زكا العشار، وقالت لي إنه لما سمع صوت الرب فتح بيته واستقبله، وفسرت لي بأن البيت هو صورة لقلب الإنسان، وركعنا معًا وصلينا طالبتين من الرب كي يدخل الرب إلى قلبي. وهكذا صار؛ فأنا مؤمنة بالرب يسوع، ولو حدث أني مُتُّ فإنني ذاهبة الى السماء عند الرب يسوع. لذلك لا تخافي يا ماما.“
بهذه الكلمات الرقيقة المؤثرة اكتفى قلب الأم المتألمة. نعم، فابنتها مصابة بمرض عضال نتيجة علاجه غير مضمونة بشرياً، لكن الابنة الصغيرة اختصرت الطريق، وسلَّمت الحياة، وهي مستعدة للانطلاق بسلام الى حضن المسيح المحب.
بعد مدة كتبت الطفلة الصغيرة هذه الكلمات باللغة الانكليزية:
”I want to die
so that I can fly
and be a star in the sky.“
كلمات نطقت بها بعد سنتين ونصف من العلاج المضني، ومزالت تردِّدها إيماناً منها بأن السماء أجمل بكثير من الأرض؛ لأن الرب يسوع هناك.إن هذه الشهادة التي صدرت من طفلة صغيرة هي خير دليل على قدرة الرب ومعونته في وسط المحنة لكي يشكِّل من كل فرد من أفراد العائلة إناءً جديدًا مستعدًا لكل عمل صالح. فأصبح شعار العائلة: «مستعدين دائمًا لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف» (1بط3: 15).