منتجات ورقية أم مصنوعات جلدية؟
من أول وأقدم المصنوعات التي عرفها بنو البشر، هي: المنتجات الورقيّة، والمصنوعات الجلديّة. فمتى وكيف ظهرت هذه المصنوعات؟ ومن هو رائد صناعة كلٍ منهما؟ وما هو المعنى الروحي لكل منتج؟
هذا ما سنجيب عليه في هذا المقال بمعونة الرب.
أولاً: توقيت ظهورها
لقد ظهرت المنتجات الورقيّة والمصنوعات الجلديّة، منذ أكثر من ستة الآف سنة. وفي توقيتٍ واحدٍ تقريبًا. ولتزال هذه المنتجات على قمة الصناعة العالمية. فلا يخلو بيت، أو شركة، أو مؤسسة - دينية كانت أو مدنية - من هذه المنتجات. سواء الأفراد أو الجماعات.
ثانيًا: كيفية ظهورها
ظهرت هذه المنتجات الورقيّة والجلديّة، بعد دخول الخطية إلى العالم. وهذا ما نجده في سفر التكوين والأصحاح الثالث؛ إذ يخبرنا الكتاب المقدس، أنه بعد أن أكل آدم وحواء من الشجرة المنهي عنها، شعرا بالعري والخزي والخجل؛ فخاطا أوراق تينٍ وصنعا لأنفسهما مآزر، وأراد آدم وامرأته أن يسترا عريهما بأوراق التين، وهذا أول ظهور للمنتجات الورقيّة.
ولكن لم يستطع الإنسان المسكين أن يستتر أمام الله بأوراق التين، بل أقرّ آدم بالقول «لأني عريان فاختبأت».
لذلك جاء الحل الإلهي الرائع؛ إذ يقول الكتاب: «وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما» (تكوين3:21). وهذا أيضًا كان أول ظهور للمصنوعات الجلديّة.
ثالثًا: رائد صناعة كل منهما
واضح من سفر التكوين والأصحاح الثالث، أن رائد صناعة المنتجات الورقية هو آدم رأس البشرية. وما يزال الإنسان إلى الآن ينتج هذه المصنوعات الورقية.
أما رائد المصنوعات الجلدية فهو الله - تبارك اسمه - عندما صنع الأقمصة الجلدية لآدم وامرأته.
رابعًا: المدلول الروحي لهذه الصناعات
1- المنتجات الورقية:
لقد شعر آدم بالعري والخزي هو وامرأته، ففكرا في طريقة لستر هذا العري؛ وفي النهاية توصّلا إلى أنهما خاطا أوراق تينٍ وصنعا لأنفسهما مآزر. ولكن هيهات أن ورق التين يستطيع مقاومة العوامل الجوية المتقلبة. وهذا يرينا صورة للإنسان الذي يبحث عن ستر خطيته أمام الله بأعماله الذاتية التي يحاول أن يحسنها وبره الذاتي الذي يجعله يعتقد أن فيه شيئًا حسنًا.
2- الصناعات الجلدية:
عندما ظهر فشل الإنسان في ستر عريه وخطيته بورق التين، ظهر الحل الإلهي الرائع؛ إذ يقول الكتاب: «وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما» (تكوين3:21). وهنا نلاحظ شيئًا هامًا جدًا، وهو أن هذه الأقمصة الجلدية لا يمكن الحصول عليها إلاّ عن طريق حيوان مذبوح وسفك دمه، أي أن الأقمصة الجلدية التي تستر العري مؤسسة على سفك الدم «وبدون سفك دم لتحصل مغفرة» (عبرانيين9:22).
وما أروع هذا الدرس العظيم: أن الستر والغفران مؤسَّسان على الذبيحة.
ولكن هنا سؤال يطرح نفسه: أين الذبيحة الكاملة الكافية لخلاص كل العالم من الخطية؟
والجواب هو في كلمة الله، عن الرب يسوع المسيح عندما رآه يوحنا المعمدان فقال عنه: «هوّذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم» (يوحنا1: 29). فلقد مات المسيح على الصليب لكي يمنحنا الغفران والحياة الأبدية.
عزيزي القارئ..
أي ثياب ترتدي إلى الآن؟
هل لا زلت تلبس ثيابًا من أوراق التين التي لا تستر أمام الله، متكلاً على أعمالك الذاتية من صيامات وصلوات وطقوس وفرائض وأعمال صالحة؟
كل هذه لا تزيد عن كونها ورق تين، منتجات ورقية، من صُنع البشر. ولكن إن كنت تشعر بثقل خطاياك وعريك أمام الله القدوس والعادل، فإني أقدم لك أحلى وأروع خبر سار، وهو أن المسيح مات لأجلك لكي يسترعريك ويمنحك حياة أبدية. ما عليك إلاّ أن تُقبِل إلى المسيح. قارعًا على صدرك. نادمًا على خطاياك. قائلاً له: «اللّهم ارحمني أنا الخاطي» (لوقا18:13)؛ فتنال غفرانًا وحياةً أبدية في الحال.