روى بحار قديم قصة تعرُّفه على المخلِّص، فقال:
لم يكن لله مكان في حياتي على الإطلاق، فأنا لا أعرف إلا البحر والسفن ولا يشغلني سوى الأمواج والرياح. كنت أعتقد أنه من المستحيل أن يكون لأيّ إنسان معرفة بالرب وهو على سطح سفينة؛ ففي السفينة لا نسمع سوى الشتائم واللعن والحلف والألفاظ القبيحة. والعجيب أنني تعودت الكذب بصورة كبيرة، حتى أن أكثر من نصف حديثي كان كذبًا ليس له أساس من الصحة. ولكن الأعجب أنني كنت أنهي حديثي الكاذب بهذه العبارة “ليعجزني الله لو كنت أقول غير الحق”. استمرت حياتي هكذا بلا هدف ولا معنى ولا طعم حتى افتقدني الله. أما كيف افتقدني الله فهذا ما سأرويه لك الآن:
كان يومًا صحوًا جميلاً من أيام شهر إبريل، وكان البحر هادئًا والنسيم عليلاً. فأخذت أغنّي وأتبادل النكات الدنسة والأقوال القبيحة مع زملائي، وأنا جالس تحت الصاري وقد مددت رجلي باسترخاء في وقت الراحة. ولأنني كنت أبغض أحد الزملاء، فقد أخذت أسخر منه بطريقة دعت الجميع إلى الضحك، واختلقت عليه قصة تسيء إليه حتى يبغضه الجميع. اندهش الزملاء من هذه القصة، واستنكروا فعلته الشنعاء؛ فأسرعت أقول قولي المأثور “ليعجزني الله لو كنت أقول غير الحق”. ما إن خرجت كلمتي من فمي أمَّن الله على طلبتي في الحال، فقد سقط جسم ثقيل جدًا كان مربوطًا بالصاري على قدمي الممدوتين فسحقهما سحقًا. صرخت صرخة مروعة من شدة الألم، وغِبتُ عن وعيي لفترة من الوقت. وعندما أفقت أدركت أنني في قمرتي، وقد بَتَرَ طبيب السفينة قدميَّ الاثنتين. كانت مأساة رهيبة لم أستطع تحمّلها، فأخذت أصرخ في ألم شديد وأتَهِم الله بالقسوة والظلم.
وظللت على هذه الحال الرهيبة عدّة شهور، أعاني عذابًا نفسيًا وبدنيًا لا يمكن وصفه. حتى جاء يوم لا أنساه، يوم تعامل الله فيه مع نفسي بالروح القدس، فتذكّرت تفاصيل الحادثة، بل تذكّرت تفاصيل حياتي كلها، وكيف أنني أبعدت الله تمامًا من حياتي، وعشت حياة مستهترة دنسة. طلبت كتابًا مقدسًا، وأخذت أقرأ فيه، وبدأ روح الله يعمل فيَّ بقوة شديدة. كنت أقرأ الكلمات وكأن الله يقولها لي بصوت مسموع. وشكرًا لله، لقد وجدته في ذلك اليوم؛ فامتلأت فرحًا لا أستطيع أن أصفه. لم أعرف كيف أعبِّر عن فرحي؛ فأخذت أقبِّل الكتاب والدموع تنهمر من عيني. ومن يومها تغيَّرت حياتي تمامًا وأصبحت إنسانًا جديدًا. صحيح أنني لا أستطيع السير إلا بواسطة عكازين بدلاً من قدميَّ، إلا أنني أشعر أنني قد امتلكت كل شيء؛ لقد امتلكت الرب يسوع فماذا أريد معه؟ لقد فقدت قدمي، لكنني ربحت ربحًا لا تعوّضه ممالك العالم كلها.