تغادر نحلة العسل خليتها، التي تتكون من عدد هائل من العيون السداسية، صباح أحد أيام الربيع، لتستكتشف المنطقة حولها، إلي أن تلاحظ حقلاً مملوءًا بزهور متفتحة حديثًا، وهي تعلم أن الغذاء الموجود في خليتها قد نقص كثيرًا، وإذ تري النحلة المستكشِفة في هذا الحقل مصدرًا جديدًا للغذاء، فإنها تُسرع بملء بطنها برحيق الزهور، ثم تطير لتزفّ الخبر السار لزميلاتها في الخلية.
ولكن؛ كيف تُخبر النحلة زميلاتها بمكان الزهور؟
بدأ العلماء في دراسة هذا الموضوع بتعمق، فوجدوا أن طريقة اتصال النحل بعضه ببعض هي واحدة من أكثر خصائصه روعةً. فالنحلة المستكشِفة تؤدّي حركة معينة علي قرص العسل داخل الخلية، وحين تتجمع حولها النحلات الأخريات يلاحظن الرائحة التي علي جسمها من الزهور. فإذا كان مصدر الغذاء الجديد قريبًا، فإن النحلة تقوم بأداء حركة دائرية علي سطح قرص العسل تتحرك فيه جانبًا بمسافة من 2 سم إلي 3 سم بمعدل يبلغ نحو 15 مرة في الثانية الواحدة، وفي نفس الوقت تطلق أصواتًا بتردّد معين عن طريق ذبذبة جناحيها، فينتج عن هذا تدفقات هوائية يمكن للنحلات الأخريات استقبالها. ثم تدور النحلة المستكشِفة في اتجاه حقل الزهور، وبذلك تغادر النحلات الشغالات الخلية طائرات حتى تصلن للحقل المطلوب.
إن النحلة التي اكتشفت الخير لا تحتفظ بالخبر لنفسها، بل إنها لا تطيق صبرًا على أن تخبر من حولها ليتشارك الجميع في الفائدة.
لذا إخوتي، دعونا نسأل أنفسنا:
هل نخبر الآخرين بالأخبار السارة التي وصلتنا؟
هل نذهب إلى العالم حولنا ونكرز بالإنجيل؟
هل لنا رائحة المسيح الزكية لننشرها في كل مكان؟
إن عندنا الكثير من الأخبار المفرحة التي يجب أن نشارك بها الآخرين. وأكتفي بأن أشير في هذا المقال إلى أمر واحد من هذه الأمور فائقة القيمة؛ ألا وهو أن الله يدعو الناس لأن يتصالحوا معه بعد طول عداء من جانبهم. ودعني أخبرك عن بعض الأمور العظيمة بخصوص تصالح الناس مع الله.
1 - مصدر المصالحة
عندما نخبر الناس يجب أن نكون متأكدين أن الله المحب هو الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح (2كورنثوس 5: 18)، فلا مجال للتفاخر ولا التباهي لأن الكل من الله، فبالنعمة أبطل الله المسافة الشاسعة التي سببتها الخطية بيننا وبينه.
2 - خدمة المصالحة
يا له من امتياز رائع أن نقوم بهذه الخدمة. في أيام تجسّد الرب يسوع كان يطلب من الناس أن يتصالحوا مع الله، والآن بعد أن مات المسيح وقام وصعد إلي السماء أوُكلت هذه المأمورية العظمي لنا وليس إلي الملائكة.
3 - كلمة المصالحة
لقد أودع الله إلينا «كلمة المصالحة»، واستأمن المؤمنين به للخروج إلى العالم والكرازة بهذه الكلمة لكل الناس في كل مكان. فهل نطلب عن المسيح: «تصالحوا مع الله».
4 - أساس المصالحة
إن الأساس الراسخ للمصالحة نجده في 2كورنثوس 5. بعدما قال الرسول بولس: «نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله»، قال: «لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا، لنصير نحن برّ الله فيه». ويذكر في كولوسي 1 «عاملاً الصلح بدم صليبه ... قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت».
5 - كُلفة المصالحة
كم تكلَّف الرب يسوع لكي نتصالح مع الله؛ فكان لا بد أن ينزل من السماء متجسِّدًا، ويُعلَّق علي الصليب ليسدِّد لله أُجرة خطايانا، ويدفع عنا كل الحساب؛ فتألم آلامًا جسدية ونفسية وكفارية «ويصالح الاثنين (يهود وأُمم) في جسد واحد مع الله بالصليب، قاتلاً العداوة به» (أفسس 2: 16).
6 - زمن المصالحة
إنه “اليوم” إذ نقرأ «اليوم، إن سمعتم صوته، فلا تقسّوا قلوبكم» ( مزمور95: 7، 8؛ عبرانيين3: 7، 8، 15؛ 4: 7). لا حظ معي أنه قد جاء ذكر هذه الآية أربع مرات في الكتاب المقدس.
ولكن في أي وقت من “اليوم”؟ إنه “الآن” «هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص» (2كورنثوس 6: 2).
إذًا عليك أن تُسرع وتخبر الآخرين، الآن.
7 - نتائج المصالحة
ما أروع النتائج! «قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت ليحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه» (كولوسي1: 21، 22). ويعوزنا الوقت لكي نتكلم عن النتائج الكثيرة للمصالحة من غفران الخطايا والتبرير والبنوية والمجد.
أخي هل اختبرت فرح الشهادة عن المسيح لشخص غير مؤمن، ثم رأيت حياة هذا الشخص تتغير بقوة الله؟ إن كنت قد اختبرت هذا الفرح، فلا بد أنك توافقني أن هذا هو أحد المباهج الرائعة التي تقابل المسيحي الحقيقي في حياته. وإن لم تكن؛ فإني أدعوك لأن تختبر هذا الفرح العظيم!