تحكي هذه القصة الحقيقية، البسيطة والعميقة في الوقت نفسه، عن رجل أمريكي كان متذمرًا ومتضجرًا من بيته؛ فقرّر أن يبيعه ليشتري بيتًا جديدًا أفضل منه. فذهب لصديقه، وهو رجل أعمال يعمل في مجال تجارة العقارات، وطلب منه أن يساعده لعمل إعلان لبيع البيت، وليشتري بعد ذلك بيتًا جديدًا.
بعد مرور يومين، ذهب صاحب البيت إلى مكتب رجل الأعمال خبير العقارات، ليستفسر عما فعله بخصوص بيع البيت، فوجد في يده إعلانًا بمواصفات بيت رائع، ويحكي الإعلان عن الموقع المتميز للبيت ومساحته الكبيرة، وروعة تصميمه الهندسي، والأساسات والمداخل والمخارج، ثم الحديقة وحمام السباحة.
طلب الرجل من تاجر العقارات أن يخبره بعنوان هذا البيت ليشتريه بعدما يبيع بيته. فابتسم صاحبه، تاجر العقارات، وهو يقول له: “هذا الإعلان هو الذي أعدَّدته عن بيتك أنت يا صديقي!” ولما قرأ الرجل الإعلان مرة أخرى بتأنٍ واهتمام شديدين، وأعاد قراءته مرات؛ صاح قائلاً: “يا له من بيت رائع!! لقد ظللت طوال عمري أحلم باقتناء مثل هذا البيت، ولم أكن أعلم أنني أعيش فيه، إلى أن سمعتك تصفه!!” ثم ابتسم قائلاً: “من فضلك.. لا تنشر الإعلان؛ فبيتي غير معروض للبيع!!”.
صديقي القاريء العزيز.. صديقتي القارئة العزيزة..
هناك أنشوده قديمه ترجمتها: احصِ البركات التي أعطاها الله لك، واكتبها واحدة واحدة؛ ستجد نفسك أكثر سعادة مما قبل.
ويقول داود النبي: «بارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ. بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ» (مزمور103: 1، 2).
إننا ننسى أن نشكر الله لأننا لا نتأمل في بركاته ولا نحسب ما لدينا، ولأننا نرى المتاعب فنتذمر، ولا نرى البركات. قال أحدهم: “إننا نشكو لأن الله جعل تحت الورود أشواكًا، وكان الأجدر بنا أن نشكره لأنه جعل فوق الشوك ورودًا”. ويقول آخر: “تألمت كثيراً عندما وجدت نفسي حافي القدمين، ولكنني شكرت الله بالأكثر حينما وجدت آخر ليس له قدمين!”.
صديقي.. صديقتي.. يوجد مكان في تاريخ شعب الله اسمه «تَبْعِيرَةَ»، الذي يعني “نار”، وهو مرتبط بمكان آخر اسمه «قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ» ويعني “مقبرة الشهوة”. «كَانَ الشَّعْبُ كَأَنَّهُمْ يَشْتَكُونَ شَرّاً فِي أُذُنَيِ الرَّبِّ. وَسَمِعَ الرَّبُّ، فَحَمِيَ غَضَبُهُ؛ فَاشْتَعَلتْ فِيهِمْ نَارُ الرَّبِّ وَأَحْرَقَتْ فِي طَرَفِ المَحَلةِ... فَدُعِيَ اسْمُ ذَلِكَ المَوْضِعِ “تَبْعِيرَةَ” لأَنَّ نَارَ الرَّبِّ اشْتَعَلتْ فِيهِمْ. وَاللفِيفُ الذِي فِي وَسَطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً. فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيل أَيْضاً وَبَكُوا وَقَالُوا: “مَنْ يُطْعِمُنَا لحْماً؟ قَدْ تَذَكَّرْنَا السَّمَكَ الذِي كُنَّا نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّاناً والقِثَّاءَ وَالبَطِّيخَ وَالكُرَّاثَ وَالبَصَل والثُّومَ”... فَخَرَجَتْ رِيحٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ، وَسَاقَتْ سَلوَى مِنَ البَحْرِ وَأَلقَتْهَا عَلى المَحَلةِ... وَإِذْ كَانَ اللحْمُ بَعْدُ بَيْنَ أَسْنَانِهِمْ، قَبْل أَنْ يَنْقَطِعَ، حَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلى الشَّعْبِ، وَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً جِدّاً. فَدُعِيَ اسْمُ ذَلِكَ المَوْضِعِ “قَبَرُوتَ هَتَّأَوَةَ”، لأَنَّهُمْ هُنَاكَ دَفَنُوا القَوْمَ الذِينَ اشْتَهُوا»(عدد11).
وهذه بعض صفات الناس في الأيام الأخيرة: «وَلَكِنِ اعْلَمْ هَذَا: أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ» (2تيموثاوس3: 1، 2).
حقًا ما أخطر التذمر وعدم تقدير أحسانات الله، وأهمها أنه أعطالنا ابنه, «فَشُكْراً لِلَّهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا»(2كورنثوس9: 15).
لهذا يدعونا الله أن نشكر:
- الشكر كل حين: «شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (أفسس5: 20). «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ نَحْنُ أَيْضاً نَشْكُرُ اللهَ بِلاَ انْقِطَاعٍ» (1تسالونيكي 2: 13). «أَشْكُرُ إِلَهِي كُلَّ حِينٍ ذَاكِراً إِيَّاكَ فِي صَلَوَاتِي» (فليمون4)
- الشكر في كل شيء: «اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ» (1تسالونيكي5: 18). «وَكُلُّ مَا عَمِلْتُمْ بِقَوْلٍ أوْ فِعْلٍ، فَاعْمَلُوا الْكُلَّ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ، شَاكِرِينَ اللهَ وَالآبَ بِهِ» (كولوسي3: 17).
- الشكر بدل القلق: «لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ. وَسَلاَمُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْلٍ يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (فيليبي4: 6، 7).
- الشكر نصرة: «وَلَكِنْ شُكْراً لِلَّهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ. لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ لِلَّهِ، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ» (2كورنثوس2: 14، 15). «وَلَكِنْ شُكْراً لِلَّهِ الَّذِي يُعْطِينَا الْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1كورنثوس15: 57).
- الشكر ذبيحة: «وَهَذِهِ شَرِيعَةُ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ. الَّذِي يُقَرِّبُهَا لِلرَّبِّ إِنْ قَرَّبَهَا لأَجْلِ الشُّكْرِ يُقَرِّبُ عَلَى ذَبِيحَةِ الشُّكْرِ... عَلَى ذَبِيحَةِ شُكْرِ سَلاَمَتِه» ِ(لاويين7: 11-13). «ذَابِحُ الْحَمْدِ يُمَجِّدُنِي، وَالْمُقَوِّمُ طَرِيقَهُ أُرِيهِ خَلاَصَ اللهِ» (مزمور50: 23).
- الشكر خدمة: «لِيَكُنْ عِنْدَنَا شُكْرٌ بِهِ نَخْدِمُ اللهَ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً، بِخُشُوعٍ وَتَقْوَى» (عبرانيين12: 28).
- الشكر اكتفاء: «وَاللَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَزِيدَكُمْ كُلَّ نِعْمَةٍ، لِكَيْ تَكُونُوا وَلَكُمْ كُلُّ اكْتِفَاءٍ كُلَّ حِينٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ، تَزْدَادُونَ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ... مُسْتَغْنِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ لِكُلِّ سَخَاءٍ يُنْشِئُ بِنَا شُكْراً لِلَّهِ» (2كورنثوس9: 8-11).
فهل تصلي وتشكر الله معي ؟
صلاة: يا مصدر كل الحسنات والخيرات.. أسجد لك فلا توفيك كل التشكرات والتسبيحات.. لأنك أعطيتني ابنك الذي لأجلي عاش ومات.. أشكرك الآن وفي كل الأوقات.. آمين.