لكل شعب أمثاله. والمثل هو قول قصير، لكنه بليغ، المقصود به أن يتعظ به الناس في أحد مناحي الحياة. وفي كل لغة تجد آلاف منها مشهورة، وأضعافها مغمورة. ولغتنا العربية عامرة بالأمثال؛ سواء المكتوبة بالعربية الفصحى، أو بالعامية ولا سيما المصرية.
والكثيرون يولون الأمثال أهمية كبيرة، ويعتبرونها قول حاسم في أمور متعددة. فتجد مثلاً مناقشة تنتهي بقول مثل: “وعلى رأي المثل....” فيكون فصل الختام. بل وتجد من يؤيّده بمثل آخر، أو ربما يعارضه بمثل ثالث.
ومنشأ الأمثال قديمًا، في أي لغة، كان هو مجالس الأدباء والحكماء. لكن مع الزمان خرجت الأمثال من جلسات المقاهي وزوايا الشوارع، من أفواه البسطاء وبعض الأحيان من المجانين.
وكثير من الأمثال طالته التعديلات على مر الزمن. كما نُقلت أمثال من لغة إلى أخرى. والنتيجة بعض الأقوال القوية التي حفظتها الأجيال، عن فهم أو دون فهم؛ لكنها تؤثر في عادات وحياة الشعوب.
فتسمع أقوال مثل: “إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب”، “ليس كل ما يلمع ذهبًا”، “اطرق الحديد ساخنًا”، “عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة”، “من طلب العلا سهر الليالي”، “كل الطرق تؤدي إلى روما”، “الغريق يتعلق بقشة”، “الباب اللى يجيجلك منه الريح سدّه واستريح”.
وأحيانًا تجد مثلين شهيرين كل منهما عكس الآخر مثل: “القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود”، ومقابله “اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب”. أو “غاب القط العب يا فأر” ومقابله “مسِّكوا القط مفتاح الكرار”!
والسؤال الجاد الذي نطرحه في هذا الباب:
هل نقبل هذه الأمثال ونطبقها أم لا؟ وإلى أي مدى نتركها تؤثِّر في طريقة تفكيرنا وتصرفاتنا.
وبنعمة الرب سنستعرض بعض الأمثال في ضوء كلمة الله لنخرج، لا بفكر البشر وحكمتهم، بل بالحكمة الإلهية النافعة لحياتنا.
قبل أن أتركك على أمل لقاء قريب، يجدر أن أشير أن البعض يخلط بين أمثال الشعوب وبين سفر الأمثال!! وفي الحقيقة ما أبعد هذا عن ذاك، فمهمًا كانت الحكمة البشرية التي نطقت بالأولى، فهي لا تُقارن بحكمة سليمان التي أعطاها له الرب شخصيًا، وجعله، بوحي الروح القدس، يكتب سفر الأمثال؛ فهو إذًا كلام الله والحكمة المصفاة التي يجدر أن نتعلم منها.