انتهت رحلة الشعب، وها نحن معهم في المحطة الأخيرة لنرى أحداثها ونتعلم دروسها. فبعد أن عبروا البحر الأحمر، وساروا رحلتهم التي استمرت 40 سنة، مارِّين بأكثر من 40 محطة - توقفنا عند بعضها في الأعداد السابقة - ها نحن الآن معهم في مواجهة نهر الأردن. لكن قبل أن نعبره، نلقي الضوء على الفرق بينهما:
عبور البحر الأحمر
|
|
عبور نهر الأردن
|
لعبوره استُخدمت عصا موسى (رمز للقضاء)
|
|
لعبوره سبقهم التابوت (رمز لحضور الرب)
|
فصلهم عن مصر (العالم) وأدخلهم البرية
|
|
فصلهم عن البرية وأدخلهم أرض كنعان
|
بعده لم يرَ الشعب أعداءهم (فرعون وجنوده)
|
|
بعده ظهر الأعداء ليمنعوهم من امتلاك الأرض
|
عنده تبرز شخصية موسى كالمُخَلِّص والراعي
|
|
عنده تبرز شخصية يشوع المحارب والمُقَسِّم للميراث
|
بعد عبوره تطلعوا بالإيمان لإحسان المستقبل |
|
بعد عبوره تذكروا إحسان الماضي ويد الرب القوية |
بعد عبوره لم يقيموا نصبًا على الشاطيء |
|
بعد عبوره أقاموا تذكارًا مزدوجًا في قاعه، وفي الجلجال
|
فيه نرى موت المسيح والخلاص الذى صنعه لأجلنا |
|
فيه نرى موتنا مع المسيح لامتلاك البركات والتمتع بها |
التابوت فى المقدمة
2000 ذراع هي المسافة بين التابوت والشعب السائر وراءه عند العبور، وفيها نرى:
- عجز الشعب عن فعل أي شيء لخلاص نفسه.
- مسافة نرى منها المسيح كرئيس الإيمان، الذي يعطي قوة لحياة الإيمان لتابعيه.
- مسافة منها ترى الخراف الراعي وهو يسير أمامها، وهي تتبعه على المثال الذي تركه لها.
- هي كالمسافة بين الشعب الملدوغ في المحلة والحية النحاسية التي على الراية ليراها الجميع ويحيا كل من ينظر إليها.
- في الكهنة حاملي التابوت، نرى المسيح كرئيس الكهنة في تقدمه على الكل في طريق الموت.
- كان لا بُد أن يسبق التابوت الشعب في دخول كنعان، كرمز للمسيح الذي دخل السماء كسابق لنا.
- الفرق الكبير بين قداسة المسيح المطلقة وقداستنا.
الأردن رجع إلى خلف
«ما لك أيها الأردن قد رجعت إلى خلف؟... من قدام الرب، من قدام إله يعقوب» (مزمور114: 5، 7).
في العاشر من الشهر الأول (موسم الربيع)، وهو توقيت ذوبان ثلوج جبال لبنان التي منها ينبع نهر الأردن، حيث يكون النهر ممتلئًا وفائضًا إلى جميع شطوطه، ولا يمكن حجز المياه المنحدرة من أعلى. ولكن عند انغماس أرجُل الكهنة حاملي التابوت في مياه الأردن، تراجعت المياه إلى الخلف، إلى أن وصلت لمدينة آدام ثم وقفت كسدٍ هائل. وفي الاتجاه العكسي، جَرَت المياه إلى البحر الميت، وأصبح قاع النهر جافًا ويابسًا؛ فوقف فيه حاملو التابوت إلى أن عبر كل الشعب. و“آدام” تعني “آدم”؛ وكأننا في الرمز نرى الحقيقة، وهي أن موت المسيح هو الأساس الوحيد لقبول جميع مؤمني العهد القديم من آدم وحتى الصليب. وهذا ما يقوله الكتاب المقدس: «الذي قدَّمه الله كفارة بالإيمان بدمه، لإظهار بره، من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله» (رومية3: 25).
كيفية العبور
لقد أثبتت البرية فشل الشعب الذي لم يصدر منه إلا التذمّر والشكوى والشهوة. لكن النعمة قادته للسير في طريق لم يعبره من قبل. وها هي تصحبهم لعبور هذا المانع العظيم، مسرعين ومختبرين قوة الانتصار على الموت، ومتمتعين بالغلبة. وهذا هو اختبار من هم في الجسد. فمهما طالت أيام البرية، لن نجد بداخلنا إلا جسدًا هائجًا وممتلئًا بالأعمال الشريرة؛ جسدًا لا يستطيع أحد أن يروِّضه. وهنا تأتي الصرخة: «ويحي أنا الإنسان الشقي! من ينقذني من جسد هذا الموت؟» (رومية7: 24). هذا ما يحدث معنا الآن. فكل ما كنا عليه في الجسد، انتهى أمره في الصليب، ولنا أن نقول ونختبر عمليًا إننا الآن أموات للخطية «نحن الذين مُتنا عن الخطية»؛ وللناموس «قد مُتُّم للناموس بجسد المسيح»؛ وللعالم «صليب ربنا يسوع المسيح، الذي به قد صُلب العالم لي وأنا للعالم»؛ وللجسد «الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات» (اقرأ رومية6: 2؛ 7: 4؛ غلاطية5: 24؛ 6: 14). ففي الصليب؛ موتنا كأبناء آدم، وقيامتنا لحياة الغلبة، ودخولنا لدائرة السماويات. صحيح أن الموت لم يُبْتَلَع بعد، والطبيعة القديمة باقية فينا؛ وهذا ما نراه في الأردن الذي رجع بعد عبوره إلى حالته الأولى وجرت مياهه كما كانت من قبل. فإن لم نسهر ضد الجسد، فالخطية التي انتصرنا عليها قبلًاً قد تعود، وبأكثر شراسة. وهذا إلى أن يتم القول: «متى لبس هذا الفاسد عدم فساد، ولبس هذا المائت عدم موت؛ فحينئذٍ تصير الكلمة المكتوبة: ابتُلِع الموت إلى غلبة» (1كورنثوس15: 54).
أحجار الجلجال
اثنا عشر حجرًا أصعدوها من القاع ونصبوها في المكان الذي باتوا فيه أول ليلة في أرض كنعان؛ في الجلجال. فكانت بمثابة نصب تذكاري لهم ولبنيهم. وهكذا نحن؛ فبإيماننا بالمسيح وعمله، يمكننا إدراك حقيقة خلاصنا وعِتقنا من الحالة التي كنا عليها، ودخولنا إلى المقام الجديد. وهذا لا ندركه إلا بعد اختبار طويل وتدريب عميق - استغرق 40 سنة بالنسبة لإسرائيل - يختلف من مؤمن لآخر. فعندما نحكم على ذواتنا ونُقِّر أنه ليس ساكنًا فينا شيء صالح، ونختبر الموت عمليًا مع المسيح؛ هنا يمكن لحياتنا أن تكون نصبًا تذكاريًا تراه الأجيال القادمة، شاهدًا على نصرتنا في المسيح. عندئذٍ نستطيع أن نبيت ونستريح في ميراثنا وبركاتنا.
أحجار في القاع
اثنا عشر حجرًا لا يراها إلا الإيمان؛ إشارة للموت ودليل عليه. فعلى الشاطيء الآخر يجلس المؤمن وينظر للأردن ويقول: “هذا مكاني، ولكن الرب أحبني ووصل لأعماق اللجج، وانتشلني وخلصني من إنساني العتيق الذي تركته مدفونًا في أعماق الأردن”.
هذا هو الصليب: إننا نرى الصليب فى أهم 3 أحداث في رحلة الشعب
q لكل من يريد أن ينجو من دينونة الله العادلة، فقط يأتي ويحتمي في دم الفصح الحقيقي (خروف الفصح).
q ولكل من يريد أن يتحرر من عبودية إبليس وذُل الخطية، يلجأ لمن مات على الصليب فيحرِّره ويعتقه، فيترنم على شاطيء النجاة (عبور البحر الأحمر).
q ولكل من يريد أن يتحرر من الجسد العتيق وأعماله الشريرة؛ فليحسب نفسه ميتًا عن الخطية مع المسيح وحيًّا لله ( عبور نهر الأردن).