أحد المرسلين كان قد أصيب في إحدى عينيه بإصابة بالغة أتلفتها، فركبوا له مكانها عينًا زجاجية مشابهة لعينه الأصلية، مع الفارق أنها لا تبصر طبعًا. كان هذا المرسل يخدم الرب في منطقة ريفية من إحدى البلاد الحارة. وكان يعمل بالزراعة ليساعد أهل المنطقة بإعطائهم أجر مقابل عملهم في هذه المزرعة، ثم بتوزيع منتجاتها على المحتاجين. لاحظ الرجل أنه عندما يكون في وسطهم، فإن العمال يعملون بجدية ونشاط في شتى أجزاء المزرعة، فإذا ما ذهب ليقضي أمر ما، يعود ويكتشف أنهم تقريبًا لم ينجزوا شيئًا منذ تركهم! وكان هذا يزعجه كثيرًا، فهو مضطر أن يترك المكان لينجز بعض الأمور الضرورية الخاصة بالخدمة وبالمزرعة، وفي نفس الوقت هو يعلم أنه كلما أنتجت المزرعة أكثر كلما أمكنه مساعدة عائلات أكثر.
فكر كثيرًا كيف يحل هذا الأمر، ويدفع العاملين أن يعملوا بأمانة أكثر حتى في غيابه. واتته فكرة، ونفذها، ونجحت!
كان كلما أراد أن يذهب بعيدًا عن المزرعة، يأتي بعصا طويلة يغرزها في الأرض، ثم يخلع عينه الزجاجية ويتركها عليها. وعند رجوعه كان يجد العمل مستمرًا بنفس الهمة! مرة سمعهم يتهامسون: “إن عينه هنا.. إنه يرانا”! لذلك كانوا يعملون بجد.
هل تضحك عليهم، عزيزي القارئ؟! لا تضحك! بل تعال لنعتبر معًا:
دعنا من العين الزجاجية التي لا قدرة لها على الإبصار. لكن هل تنسى العين التي تبصر حتى الأعماق والأسرار، ولا يُخفي الظلام عن عينيه خافية «فقلت: إنما الظلمة تغشاني؛ فالليل يضيء حولي. الظلمة أيضًا لا تظلم لديك، والليل مثل النهار يضيء، كالظلمة هكذا النور» (مزمور139: 11، 12). ليتنا نتذكر في كل حين أن «طرق الإنسان أمام عيني الرب، وهو يزن كل سبله» (أمثال 5 : 21)؛ فنتصرف دائمًا ونحن نوقن أن «الرب في هيكل قدسه. الرب في السماء كرسيه. عيناه تنظران، أجفانه تمتحن بني آدم» (مزمور 11: 4).
صديقي قبل أن تفعل أي شيء، ذكِّر نفسك أنك تصنعه في عيني الرب؛ فكيف ينبغي أن تفعله؟ في أفضل حال بالطبع!
وقبل أن تسمح لنفسك أن تفعل شرًا، ذكِّر نفسك بالأمر عينه، واطلب منه العون حتى لا تفعل ما لا يحسن في عينيه. هكذا فعل يوسف؛ فعاش تلك الحياة التي أرضت قلب الله.