خرجت مجموعة من الصيادين لتصطاد في إحدى غابات إنجلترا، ودخلوا إلى أعماق تلك الغابة، وهناك شاهدوا حيوانًا فريدًا أصغر من الدب، لكن ما شد انتباههم في ذلك الحيوان الفريد هو فروته الناصعة البياض، إنها أكثر إشراقًا من فروة الدب وأنصع بياضًا من فروة الأرنب وأطول وأغزر من فروة الثعلب. وعلى الفور أطلق أحدهم رصاصته التي قتلته، وقدموا فروة ذلك الحيوان الفريد هدية لملكة إنجلترا، وهي بدورها ارتدتها في حفلاتها المتميزة، فكانت بحق ملكة، تتلألأ وسط الحاضرين بسبب الجاكت الفرو الذي ترتديه. وبعد الحفل تهافتت الأميرات على الملكة ليس فقط لتحيتها في ذلك الحفل، بل لمعاينة ذلك الفرو عن قرب. ولاحظت الملكة شغف الأميرات بالفرو، فأرشدتهن إلى مجموعة الصيادين الذين أتوا به. وقتها أدرك الصيادون أنهم أمام كنز فريد يتمثل في ذلك الحيوان، فعاود الصيادون خروجهم إلى نفس الغابة. وبعد أن قضوا أيامًا ينتظرون ذلك الحيوان الفريد، فجأة جاء. ولكنهم قرروا ألا يقتلوه، بل اصطادوه حيًا، وأخذوه إلى واحد من علماء الحيوان في جامعة أكسفورد، وطلبوا منه دراسة طباع ذلك الحيوان حتى يتسنى لهم اصطياده بسهولة ويُسر ليعرفوا ماذا يحب، وماذا يكره، وما هي أفضل الوسائل لجذبه، وما هي أيسر الطرق لاقتناصه.
وبعد أربعة أشهر رجعوا إلى ذلك العالم، فوجدوه مبهورًا فخورًا بذلك الحيوان، وقال لهم: “ما أعظم الدرس الذي تعلمته من هذا الحيوان خلال هذه الشهور، فهذا الحيوان على أتم الاستعداد لأن يواجه الموت بشجاعة رافضًا أن تتسخ فروته، فبقاء فروته بيضاء نظيفة هو أول وآخر اهتماماته، هي بالنسبة له أهم من الطعام والشراب، وأهم من الحرية، بل أهم من الحياة نفسها”.
وأعطى ذلك العالم نصيحة إلى الصيادين إذ قال لهم: “إن أردتم اصطياد هذا الحيوان بسهولة، ليس عليكم إلا أن تضعوا القذارة والطين في جُحره، وحين يدركه الخطر ويهرب إلى الجحر ويجد فيه ما يعَّرض فروته للقذارة، وقتها سيستسلم مفضلاً الموت عن أن تكون له فروة غير نظيفة”.
صديقي قال الحكيم: «لتكن ثيابك في كل حين بيضاء» (جامعة 9: 8)؛ لذا دعني أسألك سؤالين هامين جدًا:
السؤال الأول:
هل أنت عارٍ أم لابس ثيابًا قذرة أم لابس المسيح؟
إن أولى ثمار الخطية في جنة عدن كان العري. فعندما رأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأنها شهية للنظر، أخذت من ثمرها وأكلت، وأعطت رجلها أيضًَا فأكل؛ فانفتحت أعينهما، وعلما أنهما عريانان. وفي إنجيل لوقا أصحاح 8، وبالتحديد في كورة الجدريين، كان هناك رجل فيه أرواح نجسة منذ زمان طويل، وكان لا يلبس ثوبًا. وأيضًا في نفس الإنجيل أصحاح 10 تكلم الرب يسوع عن إنسان كان نازلاً من أورشليم إلى أريحا فوقع بين لصوص، فعرّوه وجرَّحوه. حقًا إنها الخطية في بشاعتها الرهيبة! وكم حاول الإنسان أن يستر عريه بنفسه، فنجده مرة يخيط أوراق تين ويصنع منها مآزر، ومرة أخرى يحاول أن يصنع لنفسه ثيابًا فإذ هي ثياب قذرة كما حدث مع يهوشع (زكريا 3: 3).
وللأسف فإن البعض يرى أن ثيابه التي يلبسها تصلح أمام الله، إلى أن يكتشف أنها لا تنفع على الإطلاق؛ فقد تكلم الرب يسوع عن إنسان ملك صنع عرسًا لابنه، وفيما هو يتفقد الداخلين، رأى إنسانًا لم يكن لابسًا لباس العرس، فذلك الشخص أراد أن يتمتع ببركات الإنجيل والخلاص والفداء دون أن يلبس الرب يسوع المسيح ويحتمي فيه، فقال له الملك: «كيف دخلت إلى هنا وليس عليك لباس العرس؟ فسكت. حينئذ قال الملك للخدام: اربطوا رجليه ويديه، وخذوه واطرحوه في الظلمة الخارجية، هناك يكون البكاء وصرير الأسنان» (متى 22: 12، 13).
أرجوك صديقي: أن تأتي إلى الرب يسوع الآن، ولا تكن متكلاً على أعمالك، فمن يتكل على أعماله هو كمن نسج خيوط العنكبوت وهذه الخيوط لا تصير ثوبًا (إشعياء 59: 5، 6).
السؤال الثاني:
هذا السؤال لك، يا من لبست الرب يسوع واحتميت فيه: هل ثيابك كل حين بيضاء؟
(1) تكون ثيابك بيضاء عندما تفكر كثيرًا في ذلك الأبيض جدًا والقدوس الطاهر ربنا يسوع المسيح.
(2) تكون ثيابك بيضاء عندما تدقق في الأمور التي يعتبرها العالم صغيرة تافهة مثل النظرات والكلمات.
(3) تكون ثيابك بيضاء عندما تتعلم أن تقول: “لا” للشيطان وللتجربة، وعندما تهرب من الشهوات الشبابية، وتتبع البر والإيمان والمحبة والسلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي.
(4) تكون ثيابك بيضاء عندما تعيش دائمًا في محضر الله، عالمًا أنه يراك ويسمعك ويلاحظك طوال الوقت.
(5) تكون ثيابك بيضاء عندما تسلك كما يحق للدعوة التي دُعيت بها، بكل تواضع ووداعة وطول أناة.
(6) تكون ثيابك بيضاء عندما لا تسلك كما يسلك سائر الأمم، فهم متجنبون عن حياة الله.
(7) تكون ثيابك بيضاء، عندما تأتي للرب معترفًا بأي شيء لا يرضيه، طالبًا منه القوة على الطهارة والنقاء.
(8) تكون ثيابك بيضاء عندما لا تحب العالم في مبادئه وأفكاره وسلوكه، وعندما لا تحب الأشياء التي في العالم.
فليت ثيابك تكون بيضاء دائمًا.