(اقرأ تكوين 13, 18, 19)
“سدوم”: اسم عبري معناه “احتراق” أو “محروق”. و“عموره”: كلمة عبرية معناها “مغمورة”. وهما مدينتان رئيسيتان في مدن دائرة الأردن الخمس، أهلكهما الله في زمن إبراهيم ولوط؛ إذ كان شرّهما قد كثر، وخطيتهما عظمت جدًا أمام الرب، فصدر الحكم عليهما بالخراب، وأمطر الرب عليهما كبريتًا ونارًا من السماء، فصعد دخان حريقها كدخان الأتون (تكوين 19: 23-29). وكل هذه المنطقه الآن هي عبارة عن أرض ملحية كبريتية لا تُزرع ولا تُسكن. فما هو سر شقاء وهلاك المدينتين؟!
أولاً: كان أهل سدوم أشرارًا وخطاة لدي الرب جدًا (13: 13)
ما أصعب أن يكون كل سكان البلد من الأشرار! لكن هذه كانت حقيقة أهل سدوم وعمورة. والخطية السائدة كانت الإباحية الجنسية بلا قيود «كما أن سدوم وعمورة والمدن التي حولهما إذ زنت على طريق مثلهما، ومضت وراء جسد آخر؛ جُعلت عبرة، مُكابدةٌ عقاب نار أبدية» (يهوذا 7). بل تمادوا في هذه الخطيه، إلى درجة الشذوذ الجنسي، «فاعلين الفحشاء ذكورًا بذكور» (رومية1: 27). فحينما دخل الملاكان في هيئة رجلين إلى بيت لوط، قال أهل سدوم «أخرج لنا الرجلين لنعرفهما (أي نمارس الجنس معهما)»!! فيا للفجور! ولم يكن هذه تصرفات بعض الشباب الماجن الفاجر، بل هي خطية كل سدوم «من الحدث إلى الشيخ»! وإن كان أمر بشع أن يوجد مجموعة زناة في بلد ما، فإنه من المرعب أن تتحول المدينة كلها إلى زناة!!
لقد أغرق الشيطان العالم ببضاعة النجاسة والأباحية، وجعلها سهلة متاحة في الإنترنت والقنوات الفضائية.. لكن حذار، فإنها تقود إلى العبودية والنجاسة، بل والمتاعب النفسية والنار الأبدية. لكن الرب يسوع المحرِّر يخلِّص إلى التمام إن جئت إليه، فتختبر الحرية وطهارة الفكر والقلب بل والقداسة في المسيح «وهكذا كان أُناس منكم. لكن اغتسلتم، بل تقدّستم، بل تبرّرتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا» (1كورنثوس 6: 11).
ثانيًا: رفضت رسل الرب وحاولت التنكيل بهم (19: 4)
آه من طول أناة الله ومحبته؛ لم يشأ أن يهلك سدوم وعمورة بسرعة، لكن أراد أن يعطيها فرصه للتوبة (18: 21). ثم أرسل ملاكين برسالة قضائية «لأننا مهلكان هذا المكان؛ إذ قد عظم صراخهم أمام الرب فأرسلنا الرب لنهلكه». فماذا كان جوابهم على صوت الله؟! أرادوا أن يمسكوا هذان الرجلين ويفعلوا بهم كل نجاسة وبكل شراسة.. يا للهول!! أن يرفض الإنسان مُرسَل من الله برسالة خطيرة، فهذا شر. وأن يحاول التنكيل بهذا المرسل، فهذه جريمة شنعاء. وقديمًا قالها المسيح لأورشليم: «يا قاتله الأنبياء وراجمة المرسلين إليها... هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا» (متى23: 37، 38). وحينما خرج لوط ليحذِّرهم أن «الرب مهلك المدينه»، فكان كمازح في أعينهم. فانطبق عليهم قول الرسول بطرس: «قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات أنفسهم، وقائلين أين هو موعد مجيئه؟» (2بطرس2: 3، 4).
عندما وصلت نفس الرساله إلى نينوي بعدها بمئات السنين، رجع أهل نينوي إلى الله (يونان3: 5)، والنتيجه لم يُهلك الله نينوي بل وأشفق عليها، فما أروع التوبة!
ثالثًا: لم يكن فيها أبرار (18: 23)
توسل إبراهيم كثيرًا للرب في محادثة طويلة حتى لا يهلك المدينة، قائلاً: «أفتُهلك البار مع الأثيم؟»، ظانًا أن فيها على الأقل خمسون بارًا، والرب يرد عليه بأنه إن وجد أقل عدد من الأبرار لن يهلك المكان. وأخذ إبراهيم يتكلم مع الرب، لعل عدد الأبرار أقل من الخمسون أو أربعون أو ثلاثون، إلى أن وصل العدد إلى عشرة. وفى كل مرة يؤكد الرب أنه لا يوجد فيها هذا العدد. وكانت هذه صدمة محبطة لإبراهيم أن المدينه لن تنجو إذ لا يوجد فيها أبرار!!
أليست هذه صورة لعالمنا، الذي فيه «أحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة».. ما أعظم البر.. إنه «يرفع شأن الأمة، وعار (ودمار) الشعوب الخطية» (أمثال 14: 34). وإن كان الكتاب يعلن أنه «ليس بار ولا واحد»، لكن الخبر الحلو أن المسيح هو بر كل من يحتمي فيه، وغطاؤه ونجاته. «فإذا كما بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة، هكذا ببر واحد (المسيح) صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة» (رومية 5: 18). وكيف نحصل على هذا البر الذي ينجى حياتنا: «فإذ قد تبررنا بالإيمان؛ لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح» (رومية 5: 1)
رابعًا: مدينة السبي، والعار، ودمار النار (19: 27)
أول ما رأى لوط سدوم رأها «كجنه الرب»؛ فاندفع إليها مقيمًا هناك، لكنه لم يهنأ يومًا واحدًا فيها:
- من الناحية الروحية كان معذَّبًا من أفعال أهل البلد الشنعاء (2بطرس 2: 8).
- جاء كدرلعومر ملك عيبال وشن حربًا على سدوم، وسبى كل من فيها، ومنهم لوط المسكين.
- كانت نهايه سدوم وعموره مرعبه «فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتًا ونارًا من عند الرب من السماء. وقلب تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان المدن ونبات الارض... وإذا دخان الأرض يصعد كدخان الأتون» (19: 24-25). والنار والدمار كانت هي العقوبه الحتمية والأبدية لشرور الناس ونجاستهم الردية. هكذا أصبحتا عبرة لمن يعتبر!! «واذ رمّد مدينتي سدوم وعمورة، حكم عليهما بالانقلاب، واضعًا عبرة للعتيدين أن يفجروا» (2بطرس 2: 6).
- مكان فيه خسر لوط كل ممتلكاته، فهو لم يأخذ من سدوم شيء، بل أخذت منه كل شيء، حتى زوجته صارت عمود ملح. بل خسر كرامته وشرفه، واختبر معنى أنه «تكثر أوجاعهم الذين أسرعوا وراء آخر» (مزمور16: 4).
هذا هو العالم بمغرياته، وهذه هى نهايته المحتومة. فقد يجعله الشيطان في عينيك كالجنة؛ ويقدم الأباحية والشهوات النجسة في بريق جذاب، فتتخيل أن هناك، في عالم الليل والشهوة، ستعيش أجمل الأوقات؛ لكنك لن تجد إلا السبي والحطام، بل والنار الأبدية.
أتريد سعادة حقيقية؟.. أتريد راحة نفسية؟.. أتريد متعة أبدية؟
في دم الرب يسوع تطهير لك من كل أدناسك وخطايا قلبك. إنه «الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه» (رؤيا1: 5). وفي شخصه كل راحة وشبع فقد قال «أنا هو خبز الحياة، من يُقبِل إليَّ فلا يجوع، ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدًا» (يوحنا 6: 35).
لذا أرجوك.. اهرب لحياتك..
لا تحترق في سدوم أو تغرق في نيران عمورة.