هو واحد من الأمثال الشهيرة أيضًا، ويُعرف في عدة لغات، فيقولون مثلاً في الإنجليزية Birds of a feather flock together.
والمثل مستوحى من الواقع؛ فالطبيعي أن تطير الطيور في أسراب من النوع ذاته، ونادرًا ما تجد - مثلاً - فرخ حمام يطير بشكل طبيعي بين سرب غربان، ولا العكس. وإن حدث لأي سبب، فالنتيجة ما لا يحمد عقباه.
ويُقصد بالمثل أن المجموعة التي ترضى، بمحض أرادتك، أن يكونوا رفقاءك بشكل مستمر، يَدلّون بشكل أو بآخر على ما في داخلك، لأنه لا بد أنك تشابههم لدرجة ما. قال أحد الحكماء: “أرني صديقك فأعرفك”.
وهذه حقيقة، فرفقاؤك لا بد وأن يؤثروا عليك إيجابًا أو سلبًا، لذا يقول الحكيم كاتب سفر الأمثال: «اَلْمُسَايِرُ الْحُكَمَاءَ يَصِيرُ حَكِيمًا، وَرَفِيقُ الْجُهَّالِ يُضَرُّ» (أمثال13: 20). ولذلك كان اختيار المرنم الصائب هو: «رَفِيقٌ أَنَا لِكُلِّ الَّذِينَ يَتَّقُونَكَ وَلِحَافِظِي وَصَايَاكَ» (مزمور119: 63). وأوضح لنا في جزء آخر من نفس المزمور لماذا هذا الاختيار دون غيره، بالقول: «انْصَرِفُوا عَنِّي أَيُّهَا الأَشْرَارُ، فَأَحْفَظَ وَصَايَا إِلهِي» (مزمور119: 115). فلا تتوقع أن تعيش في وسط الأشرار بفضائل الأبرار!!
وحري بنا أن نلتفت إلى تحذير الكتاب: «لاَ تَضِلُّوا: فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ» (1كورنثوس15: 33). ولذا وجب أن نطيع قول الكتاب: «لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ وَأَيُّ اتِّفَاق لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟... لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلاَ تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ، وَأَكُونَ لَكُمْ أَبًا، وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (2كورنثوس6: 14-18).
صديقي.. فلتُحسن اختيار الرفيق، فهو الذي سيحدِّد الطريق، وإن أسأت الاختيار فالخطر محيق.