سام هو الابن الثاني لنوح (تكوين9، 10) ولاسمه معنيان؛ المعنى الأول هو “السمو”، والمعنى الثاني هو “الشهرة والصيت”. ونجد أن سام صورة لربنا يسوع المسيح في عدة أمور:
أولاً: سام رمز للمسيح في سموه وعظمته
فمعنى سام هو “السمو والعظمة”، وهذا يكلمنا عن عظمة ربنا يسوع المسيح، الذي هو الابن الأزلي، الذي جعله الله وارثًا لكل شيء، الذي به أيضًا عمل العالمين، الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته، بعدما صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الأعالي، صائرًا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسمًا أفضل منهم؛ إذ قد مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين وقوات مُخضَعة له.
ثانيًا: سام رمز للمسيح في مجد ملكه
المعنى الثاني لاسم سام هو “الشهرة والصيت”، وهذا سيتم عندما يملك المسيح على كل الأرض بمجد عظيم. فعند دخوله إلى العالم في الظهور ستسجد له كل ملائكة الله (عبرانيين1: 6)، وسيأتي بالقوة والمجد، ثم يضع جميع أعداءه تحت قدميه. إن كان المسيح الآن مستترًا عن العالم وليس له تقدير في عيون الأشرار، ولكن عندما يملك، ستجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب. وستختفي كل الأسماء ويلمع ويشتهر اسم ربنا يسوع المسيح ويتحقق المكتوب: «ويكون الرب ملكًا على كل الأرض. في ذلك اليوم يكون الرب وحده واسمه وحده» (زكريا14: 9).
ثالثًا: سام رمز للمسيح الذي سترنا
لقد شرب نوح الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه، وما أبعد الفرق بين تصرف كل من حام وسام! فحام أبصر عورة أبيه وشهَّر به، لكن سام ستر عورة أبيه إذ أخذ الرداء ووضعه على كتفه وسار إلى الوراء وغَطَّاه بالرداء. وإن كانت الخطية جعلت الإنسان في حالة العري والخزي والخجل (تكوين3: 10)، لكن جاء ربنا يسوع المسيح إلى أرضنا لكي يسترنا ويغطينا بدمه الغالي. ولقد جاءت أول إشارة للستر عندما أخطأ آدم في جنة عدن ووجد أنه هو وامرأته عريانان، وحاولا أن يسترا أنفسهما بأوراق التين ولكنهما فشلا. لذلك عندما أتى الرب الإله إلى آدم في الجنة، خاف واختبأ وقال: «سمعت صوتك في الجنة فخشيت؛ لأني عريان فأختبأت». وكان العلاج في أن الرب الإله صنع لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما. ومن هنا أعلن الرب الإله أن الستر لا بُد أن يتم على أساس الدم، أي على أساس الذبيحة. فلقد تَعَرَّت الذبيحة لكي يُستَر كل من آدم وامرأته ولقد تَعَرَّى المسيح وهو على الصليب لكي يُلبسنا ثياب الخلاص ويكسونا رداء البر (إشعياء61: 10). وعندما يتمتع الإنسان بغفران خطاياه وبالستر الإلهي يستطيع أن يتغنى مع داود قائلاً: «طوبى للذي غُفِر إثمه وسُتِرت خطيته» (مزمور32: 1). وشكرًا لله، لأن المسيح غطانا بدمه وقد لبسناه هو شخصيًّا كما هو مكتوب: «... قد لبستم المسيح» (غلاطية3: 27)!
رابعًا: سام رمز للمسيح موضوع تسبيح المؤمنين
عندما استيقظ نوح من خمره وعلم ما فعله به سام هتف قائلاً: «مُبارَك الرب إله سام». ونحن الذين آمنا بربنا ومخلصنا يسوع المسيح نستطيع أن نهتف أيضًا قائلين: «مُبارَك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية» (1بطرس1: 3). ونحن الآن نسبح الله من خلال شخص المسيح؛ موضوع تسبيحنا، كما هو مكتوب: «فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاه مُعترفة باسمه» (عبرانيين13: 15). وليس الآن فقط، بل في الأبدية أيضًا (رؤ4: 8-11).
خامسًا: سام رمز للمسيح الغريب
يذكر الكتاب أن سام هو أبو كل بني عابر (تكوين10: 21)، وكلمة عابر معناها: “غريب ومسافر”؛ أي إن سام هو أبو الشعب العابر والمسافر. وصفة الاغتراب نراها في نسل عابر: إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أبطال الإيمان الذين عاشوا في خيام (عبرانيين11: 9). ولقد أُطلق على أبرام أنه العبراني (تكوين14: 13). ولقد جاء ربنا يسوع المسيح من نسل سام، وعاش على الأرض غريبًا؛ ففي ولادته لم يكن له موضع في المنزل «فقمطته وأضجعته في المذود» (لوقا2: 7)، وفي حياته لم يكن له أين يُسند رأسه، فكان كل واحد يذهب إلى بيته، أما هو فكان يذهب إلى الجبل ليبيت، وعند موته دُفن في قبر مُستَعَار أي ليس له. ولقد قال ربنا يسوع في صلاته للآب عن التلاميذ: «ليسوا من العالم كما أني أنا لستُ من العالم» (يوحنا17: 14). وهذا يجعلنا نتمثل بالرب يسوع وأن نعيش غرباء في العالم، لأن من التصق بالرب لا بُد أن يعيش غريبًا وعابرًا (عبرانيين13: 14).
أخي.. أختي.. بعد أن رأينا أن سام رمز لربنا يسوع المسيح في سمو وعظمة شخصه، وفي مجد ملكه، وكيف عاش غريبًا في الأرض، وهو موضوع تسبيح المؤمنين، وكيف سترنا من خطايانا بالدم، لذلك دعني أسألك: هل خطاياك قد مُحِيت من أمام الله؟ وهل سُتِرتَ بدم المسيح؟ هل لبستَ المسيح؟ ونحن كمؤمنين ليُعطنا الرب أن نعيش حياة الغربة العملية، منتظرين مجيئه القريب!