أعطوهم أنتم ليأكلوا (لوقا9: 13)
اعتدت على توزيع مجلة نحو الهدف على بعض الجيران وأصحاب المحلات. وفي إحدى المرات تأخرت عليهم لظروف سفري، فقال لي أحدهم بعد عودتي: "الوجبة الحلوة تأخرت علينا قوي!"
نعم، جاءت مجلة نحو الهدف كتكليف إلهي لبعض الأحباء لتكون وسيلة لإشباع القلوب، ووجدت أن هناك تشابهًا كبيرًا بين استخدام الرب للمجلة وبين استخدامه للخمسة الأرغفة والسمكتين لإشباع الجموع؛ ففي كل منهما كان الرب وحده صاحب الفضل، مستخدمًا القليل لإشباع الكثيرين.
ودعونا، أحبائي، نتأمل في أوجه التشابه في ثلاث كلمات:
أولاً: شدة الجوع
«ليس لهم ما يأكلون» (مرقس8: 2)، كان هو حال الجموع الغفيرة التي جاءت لتسمع الرب يسوع وما أصعب الجوع وتأثيره الجسدي إذ يصيب الإنسان بالهزال والضعف والموت، ويصيب النفس بالإذلال والمهانة. أليس هذا ما جعل الابن الضال يرعى الخنازير ويصل إلى الدرجة التي فيها «كان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله. فلم يعطه أحد» (لوقا15: 16).
وعالمنا اليوم يشهد كل أنواع الجوع، والذي أخطره هو الجوع القلبي والنفسي، رغم الانتشار الرهيب لكل وسائل الترفيه والتسلية، ومحاولات الحصول على الشبع من خلال مئات القنوات الفضائية وملايين مواقع الإنترنت.
قرأت هذا الخبر الذي يقول: "وفاة شاب جامعي بسبب جلوسه أمام الانترنت لأكثر من 24 ساعة متواصلة". كان المسكين يبحث عن موقع أو منظر أو حتى خبر ليشبع جوعه.
أشكر الرب جدًا لأجل ترتيبه لنا المجلة لتقدم شخص المسيح، بطريقه روحية وكتابية رائعة ومشوّقة، كمن فيه كل الشبع والخلاص والراحة لكل إعواز القلب والنفس.
ثانيًا: عواطف الرب يسوع
بينما لم يهتم أحد بالجموع، بل طلب التلاميذ من الرب يسوع أن يصرفهم «ليذهبوا إلى القرى والضياع حوالينا فيبيتوا ويجدوا طعامًا» (لوقا9: 12)، كانت مشاعر الرب يسوع في غاية الرقة قائلاً لهم: «إني أُشفق على الجمع... ليس لهم ما يأكلون وإن صرفتهم إلى بيوتهم صائمين يخورون في الطريق» (مرقس8: 3). بل طلب أيضًا من التلاميذ أن يجعلوهم يتكئون على العشب الأخضر في أروع مكان.
أثق أن ترتيب الرب لمجلة نحو الهدف هو وسيلة من الوسائل المتعددة التي يعلن الرب فيها إشفاقه على قلب الشباب الجائع الذي يلهث وراء سراب من الكتب والمجلات والصور التي يقدّمها الشيطان في سوق الأباطيل، سواء كانت مسموعة أو مقروءة أو مرئية، واضعًا فيها السم داخل العسل. ويتم في هؤلاء المساكين قول الكتاب: «البائسون والمساكين طالبون ماء ولا يوجد. لسانهم من العطش قد يبس»، لكن الرب الشفوق الحنان يقول: «أنا الرب أستجيب لهم... لا أتركهم. أفتح على الهضاب أنهارًا وفي وسط البقاع ينابيع» (إشعياء41: 17، 18).
ثالثًا: إشباع الجموع
أخذ الرب يسوع الأرغفة والسمكات القليلة التي قال عنها أندراوس: «ما هذا لمثل هؤلاء؟!»؛ أخذهم في يديه «وباركهن وأعطى التلاميذ ليقدموا للجمع فأكلوا وشبعوا جميعًا» (لوقا9: 16).
هذا ما فعله الرب بحق في الأيام الماضية مستخدمًا المجلة، وإن كانت مجرد وريقات صغيرة وكلمات قليلة، لكن كل الفضل للرب إلهنا الذي استخدمها بقوة لإشباع وبركة الكثيرين كبارًا وصغارًا. فهناك آلاف المجلات العالمية الضخمة التي تقدم شتى المواضيع ولها ملايين القراء، لكنها للأسف لا تُشبع قلب قارئها. قال عنها الرب: «لماذا تَزِنون فضة لغير خبز وتعبكم لغير شبع» (إشعياء55: 2).
كنت في زيارة لإحدى العائلات وقالوا لي: "إننا نتسابق فيما بيننا على من يأخذ المجلة ويقرؤها أولاً". وكم من شهادات سمعتها في بلادنا المصرية وخارجها عن التأثير المبارك لـ نحو الهدف وكيف ساهمت في توجيه القلب بطريقة جذابة للمسيح مصدر الشبع، الخبز الحي الذي نزل من السماء.
من كل قلبي أقدّم الشكر للرب صاحب الفضل في إشباع الجموع، ومن كل قلبي أيضًا أهنئ أحبائي العاملين والتاعبين في مجلة نحو الهدف بالعدد المئوي، وأهنئ القراء الأعزاء أيضًا بهذه المجلة الثمينة بمقالاتها القيمة وكلماتها البانية وشكلها الراقي الجذاب.
وأخيرًا أصلي أن يحقق الرب وعده لمجلتنا العزيزة إلى يوم مجيئه فتكون «كجنة ريَّا وكنبع مياه لا تنقطع مياهه» (إشعياء58: 11).