تأثرت كثيرًا وأنا أسمع شريط كاسيت قديم، مُسجَّل عليه هذا الاختبار من هذا الرجل الصعيدي الذي حكى كيف حرره الرب يسوع المسيح وغيَّر حياته تمامًا. وإليك القصة كما رواها صاحبنا:
... الخمور وباقي المُكيِّفات ليس فقط أفقدتني حريتي وكرامتي في البلد كلها، ولكن أيضًا خَربت البيت والعمل. كنت جزارًا أذبح العجول في إحدى مدن محافظة سوهاج بصعيد مصر، وكل الناس كانوا يثقون بي، ويشترون اللحوم مني، وكان محل الجزارة الذي كنت أمتلكه مزدحمًا دائمًا...
كنت أُعتَبر من الأغنياء؛ فتجارتي مُربحة. ولكني كنت أصرف “الفلوس” في المكيفات والمخدرات والقمار والخمور والشرور والفجور، إلى أن فقدت كل أموالي، واستلفت لكي أستطيع أن أستمر في الجزارة. إلى أن زادت الديون. ورغم أني بِعت المحل وكل ما أملك، إلا أنني ظللت مديونًا بديون كثيرة.
وفي ليلة من ليالي الشتاء القارس، دخلت إلى البيت، ورغم أنني كنت قد شربت كمية كبيرة من الخمر في هذه الليلة، إلا أن منظر أولادي الذين أصبحوا شبه عراة وبدون ملابس شتوية وهم يفترشون الأرض، أشعرني بالذل، فناديت زوجتي التي كانت ترتعب مني لأني كثيرًا ما كنت أضربها ضربًا مُبرحًا ولا سيما وأنا سكران؛ ناديتُها وتعهدتُ أمامها أني سأترك الخمور وباقي المُكيِّفات، ففرحت فرحًا شديدًا، و“زغردت” بصوت مرتفع!
جاء اليوم التالي لتعهدي بترك الخمور، وأعددت العُدة لذلك، فأحضرت الفول السوداني واللب والحمص حتى يسليني عن الخمور، ولكن لما جاء المساء وميعاد شربي للخمر والمخدرات، لم أستطع أن أسيطر على نفسي، فخرجت من المنزل كالعادة، وسكرت بكمية من الخمور أكثر من المعتاد.
في صباح اليوم التالي كنت أشعر بالذل والهزيمة، فطلبتُ من زوجتي أن تُحضر لي كتابًا مقدسًا، بالطبع لا لكي أقرأ فيه، ولكن لكي أُقسم عليه. ولما أحضرت لي كتابًا قديمًا، لم نكن نعلم هل هو إنجيل أم كتاب قصص مسيحية قديمة! المهم أنني أخذت الكتاب، ووضعته على عَينَيَّ، وتعهدت أمام الله وأمام زوجتي وأولادي بصوتٍ عالٍ قائلاً: أتعهد أمامك يا رب أني سأترك الخمور، وبحق هذا الكتاب المقدس “اعميني” يا رب إن رجعت للخمور مرة أخرى!
جاء المساء وبسبب القَسَم استطعت أن أسيطر على نفسي لبعض الدقائق، وكنت أُسلِّي نفسي بالفول واللب والحمص، ولما اقتربت مني زوجتي لتشجعني، لم أتمالك نفسي وبدون أي سبب شتمتها وضربتها وقلت لها: أنتِ السبب في كل المشاكل التي أتعرض لها! وخرجتُ وشربتُ كمية مضاعفة من الخمور. وحملوني وأنا مُلقَى في الشارع، ورموني داخل البيت!
استيقظت في صباح اليوم الثالث وكنت متألمًا جدًا، ليس فقط بسبب ما تعرضت له من إهانات في الشارع وأنا مُلقَى على قارعة الطريق بالأمس، لكن بسبب أنني لم أستطع أن أحافظ على عهدي الذي أقسمتُ به أمام الله والإنجيل على عيني.
وعندها خطرت ببالي فكرة! نفذتُها سريعًا إذ قمت وصعدت إلى سطح البيت وأحضرت بوصًا و“بريته” بالمبراة، ثم أحضرت موسىً وجرحت يدي اليسرى به، ولما سال الدم بغزارة كتبت على ورقة بيضاء كبيرة بالقلم المصنوع من البوص المبري - وكان الحبر هو دمي الذي يسيل مني - هذه الكلمات: أتعهد بدم قلبي أمامك يا ربي أن لا أعود للخمور والمكيفات مرة أخرى. ثم وقَّعتُ بالدم على هذا التعهُّد وعلقت هذه الورقة، التي هي عهد بالدم بيني وبين الله، علَّقتُها على الحائط أمامي وقلت لنفسي: “إن اشتد عليَّ الكيف والرغبة للسُكْر، سأنظر للعهد الدموي، وعندها سآخذ قوة، ولن أسكر مرة أخرى”.
جاء المساء، وكنت دائم النظر للعهد المكتوب بالدم الموضوع على الحائط أمامي، فاستطعت أن أتغلب على إدماني لمدة ساعة كاملة، لكن بعد ذلك انهرت وخرجت من البيت وسكرت أكثر من أية مرة سابقة. ودخنت الحشيش والمخدرات حتى أنسى فقري وذُلي وفشلي ويأسي.
لما استيقظت في صباح اليوم الرابع، وكان العهد الذي كتبته بدمي ما يزال معلقًا على الحائط أمامي، صرخت بطريقة هيستيرية: “دمى لم يحررني.. دمي لم يخلصني.. دمي لم يشفني!”
وكنت أبكي وأنوح في مرارة شديدة، وعندها لمعت أمامي آية كنت قد سمعتُها في الكنيسة وأنا بعد طفل، آية بدَأَت تترد بقوة في أعماقي: «دَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ».. «دَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ»، وعندها وضعت رأسي في التراب وأنا أنحني أمام الله، وصرخت: “يا رب، دمي لم يغيّرني. هل تغيرني وتطهرني بدم المسيح الذي سُفك لأجلي؟”
شعرت بفرح عميق يملؤني، وسلام الله يغمرُني. ولما جاء المساء خرجت ولكن هذه المرة لا “للخمَّارة” أو أماكن المخدرات والقمار، ولكن أنا وكل بيتي ذهبنا لنشكر الرب في الكنيسة، على دمه المُطَهِّر. وإلى اليوم لم أعُد لأي مكيِّف أو حتى سيجارة، لأن «دَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ» (1يوحنا1: 7). وفي كل مكان أخدم الرب وأشهد عن عمله معي. وحتى الديون تم سدادها وعادت لي أيضًا تجارتي!
صديقي القارئ العزيز، صديقتي القارئة العزيزة، قال الرب يسوع: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ... فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا» (يوحنا8: 36،43). المطلوب أن لا تحاول بذاتك أن تحرِّر نفسك، فقط اصرخ للرب يسوع المسيح الذي سُمِّر بدلاً عنِّي وعنك بالمسامير ليعطينا الحرية. فهل تصلي معي؟
صلاة: يا من أوثقوك وساقوك لتصنع لي التحرير.. يا من قيَّدوك وسمَّروك لتمنح لي التطهير.. ارحمني واقبلني أنا الأسير.. وفكّني وحررني، لك الفضل والمجد الكثير! آمين!