هو ابن الملك نبوخذنصر وآخر الملوك الكلدانيين بين عام553-538 ق.م.
واسمه بالكلدانية بيل-شار-أوسر (Bel Shar Usur)، ومعنى اسمه “أمير بيل”؛ أي المُعين والمحمي من الإله بيل، الإله الوثني البابلي.. وللأسف لم يستطع بيل أن يحميه من القتل!
أقام بيلشاصر احتفالاً ضخمًا لعظمائه أثناء حصار الفُرس لبابل عام 538 ق.م، مستخدمًا آنية بيت الله، والتي أحضرها أبوه من أورشليم، واستخدمها ليشرب فيها الخمر، متحدّيًا بذلك الله رب السماء. وقد أعلن الله قضاءه عليه في ذات الاحتفال؛ ففي تلك الليلة قُتل بيلشاصر وأخذ المملكة منه داريوس المادي.
عزيزي، هلك بيلشاصر، كما قال له دانيآل، لأنه لم يضع في قلبه ويعتبر مما حدث لأبيه.. فليتك أنت تضع في قلبك سبب هلاك هذا الرجل فلا تهلك مثله!
أولاً: الاستهانة بالله وبأموره
رغم أن بيلشاصر سمع عن الله وعرف من هو من خلال أحداث المملكة وما حدث مع أبيه، وما قاله أبوه عن الله إنه «الحي إلى الأبد الذي سلطانه سلطان أبدي... ومن يسلك بالكبرياء فهو قادر على أن يُذله» (دانيآل4: 34، 37)، إلا إنه قرَّر أن يعمل وليمة عظيمة لرجال المملكة وزوجاته وسراريه، ويعلن تحديه وتطاوله على الإله الحي، مسبِّحًا آلهة الذهب والخشب والحجر، بل وزاد تطاوله بشربه الخمر في آنية بيت الله المُقدَّسة مع أولئك السكارى والنجسين المُعربدين.
آه يا عزيزي من احتقار الله والتهاون بشخصه - جَلَّ جلاله - والازدراء بكل ما يخصه! نعم، هو الرحيم لكنه قال: «الذين يحتقرونني يصغرون» (1صموئيل2: 20). هل تُقدِّر إلهك يا صديقي، وموت ابنه على الصليب لأجلك؟ أم تهينه بالخطية وتدوس وصاياه الإلهية؟!
ثانيًا: لم يتعظ مما حدث لأبيه (دانيآل 5: 18 21)
كثيرًا ما يكلمنا الله من خلال ما يحدث للآخرين، فمثلاً يقول المسيح: «اذكروا امرأة لوط» (لوقا 17: 32)، التي بعصيانها تحوَّلت إلى عمود ملح. وبيلشاصر عرف ما حدث لأبيه نبوخذنصر؛ الإمبراطور المهيب الذي صار كالثور يسكن مع الحمير الوحشية حين ارتفع قلبه وقَسَت روحه، وانحط عن كرسي ملكه (دانيآل5: 20). بل ويقول له دانيآل: «وأنت يا بيلشاصر ابنه لم تضع قلبك مع أنك عرفتَ كل هذا».
الله المُحب يريدك أن تتعظ مما يحدث حولك من أمور مرعبة للبعيدين عن الله، والهدف أنك تضع في قلبك أن لا تكون مثلهم في ابتعادهم عن الله، وحتى لا يأتي عليك القضاء الإلهي مثلهم. فحينما مات حنانيا وسفيرة بسبب كذبهما، يقول الوحي: «فصار خوف عظيم على جميع الكنيسة وعلى جميع الذين سمعوا» (أعمال5: 11). لكن بيلشاصر لم يتعظ، بل وفعل أكثر مما فعل أبوه! فهل تضع أنت هذا في قلبك؟!
ثالثًا: تعظَّم على رب السماء الذي بيده نسمته (دانيآل5: 22)
تطاول بيلشاصر على الله إله السماء. اسمع ماذا قال له دانيآل: «بل تعظمتَ على رب السماء فأحضروا قدامك آنية بيته وأنت وعظماؤك وزوجاتك وسراريك شربتم بها الخمر وسبّحت آلهة الفضة والذهب والنحاس والحديد والخشب والحجر التي لا تبصر ولا تسمع ولا تعرف. أما الله الذي بيده نسمتك وله كل طرقك فلم تمجده».
هل من عاقل يكرم الصنم ويهين الله الحي العظيم؟!
يقول كاتب المزمور الثاني: «اعبدوا الرب بخوف واهتفوا برعدة... قَبِّلوا الابن لئلا يغضب فتبيدوا من الطريق لأنه عن قليل يتقد غضبه. طوبى لجميع المتكلين عليه».
فاحذر، عزيزي، من إهانة إلهك بتفضيل الخطية وشرور الجسد عليه! هو طويل الروح وكثير الرحمة، غافر الإثم وصافح عن الذنب، لكنه قدوس لا يتساهل مع الشر!
رابعًا: القضاء الإلهي المرعب (دانيآل5: 25-30)
1- في تلك الساعة ظهرت أصابع يد إنسان تكتب على الحائط بنور ساطع كلمات الحُكم الإلهي: «منا منا تقيل وفرسين». فيا له من منظر مرعب! وطبعًا لم يفهم الملك معنى هذه الكلمات فصرخ بشدة وانحلت خَرَز حقويه، واصطكت رُكبتاه؛ فيا للرعب!
2- وجاء إليه دانيآل ليفسر نص القضاء الإلهي قائلاً له: هذا هو معنى الكلمات؛ “منا منا” أي: أحصى الله ملكوتك وأنهاه. “تقيل” أي: وُزِنتَ بالموازين فوُجِدتَ ناقصًا. “فرسين” أي: مملكتك ستكون لمادي وفارس. فيا للهول!
3- في تلك الليلة قُتل بيلشاصر ملك الكلدانيين وهو يصرخ مرتعبًا، فيا للدمار!
عزيزي، ما كان يتخيل بيلشاصر تلك النهاية المُرعبة لكنها حدثت.. أتت لحظة وأنهى الله مُلكه، بل وحياته أيضًا. لقد كان ناقصًا رغم عظمته وعظمائه وسلطانه.
إن الإنسان بدون المسيح ناقص مهما امتلك، فهو بلا غطاء أو ستر نجاة من أهوال دينونة خطاياه الآتية. لكن في المسيح يسوع غفران للذنوب وحماية من الهلاك. «الله كان في المسيح مُصالِحًا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم... لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه» (2كورنثوس5:19،21).
أرجوك ضع هذا في قلبك، واحتمِ بتوبة في دم المسيح فلا تهلك كبيلشاصر، بل ترنم قائلاً:
ربى في ستر دِماك يا مناصي
لستُ أخشى اليوم من أي قصاصِ
ربى في ستر دماك قد غفرتَ لي شروري والمعاصي
صرتَ حصني صرتَ ملجأ خلاصي
ربى في ستر دماك