روى أحد خدام الرب هذه القصة:
في مكتب مدير أحد البنوك، اجتمع المدير وأحد رجال الأعمال، وجلس كل منهما تجاه الآخر. فمال رجل الأعمال إلى الأمام وهو يتكلم بحماسة بالغة حتى فاجأه الآخر بالقول: “يا لها من سخافة وحماقة وجهالة!”
لفظ مدير البنك هذه الكلمات، ولوى شفتيه إظهارًا لاستخفافه. فرد عليه رجل الأعمال قائلاً: “لماذا كل هذا؟”
أجابه مدير البنك: “أَ تسألني لماذا وأنت الرجل المُفكر صاحب العقل الرجيح؟ يا لها من سخافة!” ثم انفجر مقهقهًا مُظهرًا سخريته واستخفافه. فردَّ عليه رجل الأعمال بحزم قائلاً: “نعم، أنا أسألك لماذا؟”
وهنا تغيَّر وجه مدير البنك، وارتسمت عليه علامات الغضب والاستنكار، وقال بحدة وغيظ: “إنني أتساءل لماذا؟ هل تقصد أن تقول لي إن موت المسيح عوضًا عني على الصليب يكون مقبولاً ومرضيًّا لدى الله؟ وهل الإيمان بهذا هو كل ما هو لازم لخلاصي؟ هل هذا هو كل المطلوب؟ اطرح هذا السَّخَف جانبًا، لأنه إذا كان لا بُد لي من الخلاص، فيجب أن أحصل على هذا الخلاص بأعمالي ومجهوداتي!”. قال هذا وضرب بقدمه على الأرض في حدة وغضب.
أجابه رجل الأعمال في هدوء: “الآن أعلم لماذا أنت غاضب ومضطرب. فأنت تظن أن لك الحق في ابتكار طريق من عندك للخلاص، ولذلك أنت ترفض وتحتقر الطريق الذي دبَّره الله”.
فسأله مدير البنك وعلامات الحَيْرة والارتباك مرتسمة على وجهه: “وماذا تقصد بهذا الذي قلته لي الآن؟”
فقال له رجل الأعمال: “أعِرني سمعك وانتباهك. افرض أن رجلاً أتى إليك قائلاً: يا حضرة المدير، إنني في حاجة شديدة مُلحة لاقتراض مبلغ من المال من البنك. فخبِّرني: مَنْ منكما له الحق في وضع شروط هذا القرض؟ أَ أنت باعتبارك مدير البنك والمسؤول عنه، أم الرجل المحتاج إلى المال؟”
أجابه المدير: “طبعًا أنا صاحب الحق، لأن رجلاً كهذا عليه أن يقبَل شروطي قبل حصوله على أموال البنك”.
أجاب رجل الأعمال: “حسنًا أجبت. فهذا موقفك بالضبط، لأنك أنت الخاطئ الفقير المُعدَم، الهالك والبائس، والله هو صاحب البنك الأعظم، وأنت تتقدم إليه طالبًا الرحمة والمغفرة، فهل لك أن تُخبرني إذن: مَنْ منكما له الحق في أن يضع شروط قبولك الخلاص الإلهي، أَ أنت الرجل المديون المُفلس روحيًّا، أم اللهالغني صاحب البنك الأعلى؟”
فردَّ عليه مدير البنك، وعلامات الدهشة تبدو على وجهه، مُعبِّرة عنها نبرات صوته القوية قائلاً: “لم يخطر ببالي قبل الآن أن الأمر بهذا الوضع الذي قلتَ لي عنه. فَمِنْ المُسلَّم به قطعًا أنه لا حق لي مطلقًا في أن أُملي على الله شروط خلاصي، لأن الله هو وحده صاحب الحق”.
فقال رجل الأعمال: “وبالرغم من كل هذا كنتَ دائمًا تفكر في ابتداع طريقة لخلاصك، ناسيًا أو متناسيًا أن المُفلسين المديونين لا حق لهم في إملاء شروط، بل عليهم أن يقبلوا ما يُفرَض عليهم من التزامات. وطوال الوقت كان صاحب البنك السماوي الأعلى يُقدِّم لك الخلاص حسب فكره وتدبيره، فهل آن لك أن تنبذ كل شروطك وأن تقبل شروطه هو؟ هل أنت مستعد أن تتقدَّم إلى الله قابلاً شروطه بغير قيد ولا شرط؟”
فأجاب مدير البنك باتضاع ووداعة، بعد أن أشرق هذا النور الجديد في نفسه: “إنني بمساعدة الله قد قبلتُ الخلاص حسب تدبير الله”.
أما عن الطريقة الإلهية للخلاص - عزيزي القارئ - فدعني أخبرك عنها:
أولاً، يا صديقي، يجب أن توقن بأنك خاطئ. واسمع قول الله خاصًّا بهذا: «لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ» (رومية3:10)، وأيضًا «لاَ فَرْقَ. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ» (رومية3: 22، 23). ولا توجد لك فرصة للخلاص ما لم تؤمن من كل قلبك بأنك خاطئ، ولأنك خاطئ فمحكوم عليك بالموت «لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ» (رومية6: 23)، وأيضًا «الْخَطِيَّةُ... تُنْتِجُ مَوْتًا» (يعقوب1: 15). والموت معناه الانفصال عن الله في الجحيم الأبدي. ما أرهب هذا! ولكنه حقيقي يا صديقي.
ولكن الله هكذا أحبك حتى بذل ابنه الوحيد، الرب يسوع المسيح، نائبًا عنك. وهو - تبارك اسمه - حمل خطاياك ومات على الصليب بدلاً عنك: «لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ» (2كورنثوس5: 21)، وأيضًا: «الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ» (1بطرس2: 24).
إننا لا نستطيع أن نعرف كيف وُضِعت خطايانا عليه، ولكن الله يقول في كلمته إنها وُضعت فعلاً عليه. لهذا فخطاياك - يا عزيزي - قد وُضعت على الرب يسوع، وقد مات بالنيابة عنك. هذا حقيقي، فالله لا يمكن أن يكذب.
لقد سأل سجَّان فيلبي بولس وسيلا قائلاً: «يَا سَيِّدَيَّ، مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟» فَقَالاَ: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ» (أعمال الرسل16:30،31). أيها القارئ العزيز، آمن فقط به كمَنْ حمل خطاياك ومات بالنيابة عنك! اقبله هكذا الآن! اسمع كلمة الله: «لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ» (رومية10: 13)!
إن الصلاة الأولى التي يجب أن يُصليها الخاطئ هي: «اللهُمَّ ارْحَمْنِي أَنَا الْخَاطِئَ» (لوقا18: 13). أنت خاطئ وطبعًا يُحزنك أن تكون هكذا. الآن أينما كنت، ارفع قلبك إلى الله بالصلاة! إن الأمر لا يحتاج إلى صلاة طويلة بصوت مرتفع، لأن الله يتوق أن يُخَلِّصك. فقط قل له: “يا إلهي أنا خاطئ، أنا حزين، ارحمني وخلصني من أجل اسم المسيح!” لا تَشُك في صدق كلامه إذ يقول: «كُلُّ (وهذا يتضمنك) مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَخْلُصُ»، ليس ربما أو من المُرَجَّح، بل «يَخْلُصُ» (أعمال الرسل2: 21).
طالِب الله بتنفيذ كلمته! متى فعلتَ ما سأله منك، فاطلب الخلاص بالإيمان حسب كلمته! ليست الكنيسة ولا العقيدة الدينية، ولا الأعمال الصالحة، ولا الخُلُق القويم، ولا الشرائع الأدبية، ولا الطقوس والفرائض، لا شيء يستطيع أن يُخلِّصك سوى الرب يسوع المسيح: «وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أعمال الرسل4: 12).