بعد أن بارك إسحاق يعقوب ابنه، حقد عيسو على يعقوب أخيه، وقرّر أن يقتله بسبب خداعه ومكره. فدعا إسحاق يعقوب وأوصاه أن لا يأخذ زوجة من بنات كنعان الشريرات، بل يذهب إلى فدان أرام ويأخذ لنفسه زوجة من بنات خاله لابان. فسمع يعقوب لكلام أبيه وأمه، وخرج من بئر سبع وذهب نحو حاران وصادف مكانًا وبات هناك لأن الشمس كانت قد غابت. وأخذ من حجارة المكان ووضعه تحت رأسه فاضطجع في ذلك المكان. ورأى حُلمًا: إذا سُلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها. وهوذا الرب واقف عليها فقال له: «أَنَا الرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ... وها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض. لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به. فاستيقظ يعقوب من نومه وقال: حقًّا إن الرب في هذا المكان وأنا لم أعلم» (تكوين28).
وهذه السُّلم المنصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء تشير إلى الرب يسوع الذي ربط الأرض بالسماء، فالإنسان مكانه على الأرض لكن الله سكناه في السماء. الإنسان شرير وفاسد، لكن الله قدوس وبار. لقد انفصلت الأرض عن السماء بسبب خطية الإنسان. ولذلك كان لا بد من وسيط يصالح الإنسان الخاطئ مع الله القدوس. وهذا الوسيط هو ربنا يسوع المسيح كما هو مكتوب: «لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع» (1تيموثاوس2: 5). فالرب يسوع هو الذي من السماء جاء إلى الأرض متجسدًا، وبعد أن مات وقام صعد إلى المجد. إنه طريق الله إلى الإنسان وطريق الإنسان إلى الله.
والوسيط أولاً: لا بد أن يكون معادلاً للطرفين: الله والإنسان. وهذا ما تم في المسيح لأنه هو الله الذي ظهر في الجسد (1تيموثاوس3: 16)، وكما هو مكتوب: «في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله... والكلمة صار جسدًا وحَلَّ بيننا» (يوحنا1: 1، 14). فالمسيح - له المجد - هو الله وإنسان في ذات الوقت، «فإذ تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما» (عبرانيين2: 14). لقد قال أيوب قديمًا: «ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا» (أيوب9: 33). لكن وُجد المصالح الذي وضع يده في يد الإنسان، ومن الناحية الأخرى وضع يده في يد الله. وبذلك صار المسيح - له المجد - هو السُّلم الذي يربط الأرض بالسماء، فهو الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي» (يوحنا14: 6).
ثانيًا: لا بد أن يكون الوسيط قادرًا على تسديد الدين، وهذا تم عندما عُلِّق الرب يسوع على الصليب واحتمل دينونة خطايانا كلها، وقال: «قد أُكمِل»، وبذل نفسه فدية لأجل الجميع.
ومن يريد أن يتصالح مع الله ويكون في علاقة معه، لا بد أن يؤمن بالرب يسوع المسيح كالوسيط الوحيد بين الله والناس والمُخَلِّص الوحيد الذي بذل نفسه لأجله على الصليب.
* * *
والسُّلم تتكلم أيضًا عن معاملات الله بالنعمة مع يعقوب، إذ كان هاربًا من أخيه نتيجة خداعه ومكره لأنه أخذ منه البكورية والبركة، والمكان الذي كان نائمًا فيه كان موحشًا ومُقفِرًا، والشمس كانت قد غابت وأتى الليل بظلامه المخيف، وكان وحيدًا بلا رفيق. ولكن بالرغم من كل هذا رأى حُلمًا وتكلم الله إليه. وهذا يرينا إله كل نعمة الذي تعامل معه بالنعمة، وهكذا تعامل معنا الله بالنعمة إذ كنا خطاة عصاة مذنبين دنسين، لكن جاء ربنا يسوع المسيح مملوءًا نعمة وحقًّا، ومن ملئه نحن جميعًا أخذنا نعمة فوق نعمة. فالمسيح هو الذي أظهر نعمة الله لنا كما هو مكتوب: «النعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية. وإنما أُظهِرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح» (2تيموثاوس1: 9، 10).
نجد أيضًا على السُّلم ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها، وهذا ما قاله الرب يسوع لنثنائيل: «من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان» (يوحنا1: 51)، وهو ما سيتم مستقبلاً.
أخي، أختي، هل تصالحت مع الله القدوس؟ هل لك علاقة معه؟ إن الرب يسوع بتجسده وموته على الصليب وصعوده للمجد قد ربط الأرض بالسماء، فهو السُّلم الذي يربط الخاطئ بالله المحب. ويمكنك الآن أن تتصالح مع الله وذلك بالإيمان القلبي بالرب يسوع المسيح المُخَلِّص الوحيد.