العدالة الإلهية في المباريات الكروية!
مباراة ألمانيا وإنجلترا، في مونديال كأس العالم لكرة القدم 2010، شهدت إلغاء الحكم هدفًا صحيحًا لإنجلترا، أثناء تأخرها بهدفين لهدف. ففي الدقيقة 38 من الشوط الأول للمباراة، أرسل لاعب إنجلترا “فرانك لامبارد”، كرة ساقطة من فوق “مانويل نوير” حارس مرمى ألمانيا، لترتطم الكرة بالعارضة وتمر إلى ما داخل خط المرمى بنحو خطوتين، قبل أن تعود لأرض المرمى، إلا إن حكم المباراة أمر باستئناف اللعب. وهكذا حُرِمت إنجلترا من إدراك التعادل، لينتهي الشوط الأول بتأخرها بهدفين مقابل هدف واحد. وفي الشوط الثاني واصلت ألمانيا تفوقها في المباراة لتفوز 4/1.
وأعاد الهدف الملغي ذكريات نهائي مونديال 1966 في لندن بإنجلترا بين نفس الفريقين، عندما سدَّد “جيوف هيرست” مهاجم إنجلترا الكرة فارتطمت بالعارضة ومنها إلى الأرض، ولم تعبر خط المرمى، باعتراف “هيرست” نفسه، لكن الحكم احتسب الكرة هدفًا صحيحًا، لتتقدم إنجلترا بعدها 3/2 قبل أن تُنهي المباراة لصالحها 4/2 لتفوز بالكأس.
وبعد 44 سنة، بدا أن هدف مونديال 2010 غير المُحتَسَب هو بمثابة تعويض غير مقصود للمنتخب الألماني عن الهدف غير الصحيح والمثير للجدل الذي احتُسِب لإنجلترا في مونديال 1966.
ولقد لفت نظري بعض عناوين الصحف التي وصفت ما حدث:
قالت الـ“ديلي ميل”: “انتصرت العناية الإلهية لألمانيا عن خسارتها في نهائي بطولة 1966 أمام إنجلترا منظمة البطولة”.
وقالت الـ“جارديان”: “هذه هي العدالة الإلهية، فمنذ 44 عامًا استفاد الإنجليز بهدف مثل هذا عندما لم تتخطى الكرة المرمى، وفاز الإنجليز نتيجة هذا الهدف”.
وقالت “ذا صن”: “بعد 44 سنة!! الله يُمْهِل ولا يُهْمِل”.
وبعيدًا عن خسارة مباراة في كرة القدم أو الفوز بمونديال عالمي، فإن هذه الحادثة ذكرتني بالقاعدة الإلهية التي لا تُخطئ، والتي وردت في الكتاب المقدس العظيم: «بِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ وَيُزَادُ لَكُمْ» (مرقس4: 24؛ متى7: 2؛ لوقا6: 38)، وأيضًا بالمبدإ الإلهي: «إِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا» (غلاطية6: 7).
لقد سمح الله أن يُعمَل مع يعقوب ما عمله هو مع الآخرين، ليمكنه أن يدرك شيئًا من بشاعة الخطية.
لقد خَدَعَ يعقوب فَخُدِعَ؛ خدع أباه، ومع أنه هو الأصغر، تظاهر بأنه الأكبر، فجاء الوقت ليتعامل مع أب، هو خاله لابان، فيخدعه ذلك الأب، ويُعطيه ابنته الكُبرى زوجة، عوضًا عن الصُغرى (تكوين27: 15‑17؛ 29: 21‑25).
لقد كذب يعقوب على أبيه، فكذب عليه أبناؤه. لقد ارتد إليه الكذب. خدع أباه، مُستغلاً ضعف بصره، باستخدام جلد جَدْيَي مِعْزَى وضعه على يديه وملاسة عنقه، حتى يظن أبوه أنه عيسو (حيث كان عيسو مُشعِرًا)، فحصد هذا عندما خدعه أولاده أيضًا بجَدْي مِعْزَى مذبوح، غَمَسُوا قميص يوسف بدمه، وقالوا ليعقوب: «وَجَدْنَا هَذَا. حَقِّقْ أَقَمِيصُ ابْنِكَ هُوَ أَمْ لاَ؟» (تكوين37: 32).
وفي 2صوئيل12: 9‑12 نستمع إلى كلمات القضاء الإلهي على داود بعدما أخطأ: «لِمَاذَا احْتَقَرْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ لِتَعْمَلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيْهِ؟ قَدْ قَتَلْتَ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ بِالسَّيْفِ، وَأَخَذْتَ امْرَأَتَهُ لَكَ امْرَأَةً، وَإِيَّاهُ قَتَلْتَ بِسَيْفِ بَنِي عَمُّونَ. وَالآنَ لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ إِلَى الأَبَدِ، لأَنَّكَ احْتَقَرْتَنِي وَأَخَذْتَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ لِتَكُونَ لَكَ امْرَأَةً. هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَأَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجِعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هَذِهِ الشَّمْسِ. لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ بِالسِّرِّ وَأَنَا أَفْعَلُ هَذَا الأَمْرَ قُدَّامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَقُدَّامَ الشَّمْسِ».
ونحن نعرف أن كل هذا قد تمَّ بالفعل؛ فارتكب أمنون - ابن داود - خطية الزنى مع ثامار ابنة داود. وأقام أبشالوم وليمة لأمنون وقتله. وبعد فترة وجيزة جاء أبشالوم بجيش وطرد داود أباه من العرش، وارتكب خطية الزنى جهرًا مع سراري أبيه على سطح بيت الملك، ولو لم يتدخل الرب لكان قد قتل أباه.
ولقد عوقب “أَدُونِيَ بَازَق” بنفس القضاء الذي عمله مع الآخرين تطبيقًا للمبدإ الإلهي: «إِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا»، وكثيرًا ما جعلنا الله نقول كما قال “أَدُونِيَ بَازَق”: «كَمَا فَعَلْتُ كَذَلِكَ جَازَانِيَ اللَّهُ» (قضاة1: 7).
والتاريخ يُخبرنا عن الكثيرين الذين نالوا باستحقاق ما فعلوه بالآخرين:
“مكسيمينوس” قلع عيون المئات من المسيحيين، فتفشى مرض مُروع في عيون شعبه، ومات منه هو نفسه، في آلام مروعة.
“فالنسي” دفع ثمانين مسيحي مُكبَّلين في سفينة في البحر، وأحرقهم أحيَّاء؛ فهزمه أعداؤه، وفَرَّ ليختبئ في كوخ، أُحرِق فيه حيًّا.
“إسكندر السادس” مات مُتسممًا بالخمر التي كان قد أعدها لأحد أعدائه.
“هنري الثالث” ملك فرنسا، طُعن ومات في نفس الغرفة التي كان يفكر أن يقتل فيها بعض المؤمنين الفرنسيين.
“مكسنتين” أنشأ قنطرة وهمية لكي يُغرق “قسطنطين”؛ لكنه هو نفسه الذي غرق من عليها.
“ماري أنطوانيت” إذ كانت راكبة إلى كنيسة نوتردام لحفل زفافها، أمرت الجند أن يُبعدوا كل الفقراء والمساكين من طريق الموكب، لأنها لم تطق أن ترى هؤلاء البؤساء. ولم تمضِ فترة طويلة حتى استقلت عربة تأخذها إلى مكان الإعدام، وسط جماهير تتطلع إليها بقلوب باردة أقسى من الصوان.
و“فولون” سئُل مرة عما تقتات به الجماهير الجائعة، فقال: “دعوهم يأكلون الحشائش”. وبعد قليل ألقى الغوغاء الهائجون القبض عليه في شوارع باريس، وعلَّقوه، وثبتوا رأسه بحربة، وملأوا فمه بالحشائش.
قارئي العزيز، أستودعك لله ولكلمة نعمته لتتفكر في هذه الآيات العظيمة:
«الزَّارِعُ إِثْمًا يَحْصُدُ بَلِيَّةً» (أمثال22: 8).
«اَلشِّرِّيرُ يَكْسَبُ أُجْرَةَ غِشٍّ، وَالزَّارِعُ الْبِرَّ أُجْرَةَ أَمَانَةٍ» (أمثال11: 18).
«قُولُوا لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ! لأَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ ثَمَرَ أَفْعَالِهِمْ. وَيْلٌ لِلشِّرِّيرِ. شَرٌّ! لأَنَّ مُجَازَاةَ يَدَيْهِ تُعْمَلُ بِهِ» (إشعياء3: 10،11).
«إِنَّهُمْ يَزْرَعُونَ الرِّيحَ وَيَحْصُدُونَ الزَّوْبَعَةَ. زَرْعٌ لَيْسَ لَهُ غَلَّةٌ لاَ يَصْنَعُ دَقِيقًا» (هوشع8: 7).
«اِزْرَعُوا لأَنْفُسِكُمْ بِـالْبِرِّ. احْصُدُوا بِحَسَبِ الصَّلاَحِ» (هوشع10: 12).