أكذوبة شيطانية تقول إن المؤمنين وتابعي المسيح دائمًا عابسون، لا يعرفون المرح ولا الفرح، والضحك بالنسبة لهم خطية تُضيّع الهيبة وتُذهِب البركة!! لكنني لا أبالغ إن قلت بأن المؤمنين الحقيقيين يفرحون ويضحكون من القلب أكثر من أهل العالم، كما يقول داود: «جعلتَ سرورًا في قلبي أعظم من سرورهم» (مزمور4: 7). ولقد حاول أغنى أغنياء العالم أن يضحك ويفرح بطريقته الخاصة فقال: «للضحك قلتُ: مجنون، وللفرح: ماذا يفعل؟ ... ومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهما. لم أمنع قلبي من كل فرح» وبعد كل هذا يصف كآبته قائلاً: «لأن كل أيامه أحزان وعمله غم. أيضًا بالليل لا يستريح قلبه» (جامعة2: 2، 10، 23).
الكتاب المقدس لا يمانع الفرح والمرح الذي لا يُضيّع الوقار، لكنه ضد الهزل والهزار الذي يجلب الدمار!
ضحك وأفراح المؤمنين الحقيقية
بوجود المسيح داخل القلب؛ يُنزَع غَمَّ الخطية والخوف من الدينونة الأبدية، وتُوجَد أفراح إلهية غامرة في القلب. فداود يقول: «يا رب أصعدتَ من الهاوية نفسي. أحييتني من بين الهابطين في الجب... حوَّلتَ نوحي إلى رقصٍ لي. حلَلتَ مِسحي ومنطقتني فرحًا، لكي تترنم لك روحي ولا تسكت» (مزمور30: 3، 11، 12). ويقول الرسول بطرس: «تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا يُنطق به ومجيد» (1بطرس1: 8).
فوائد الضحك والمرح النفسية والطبية
أكدت دراسة طبية أميركية نُشِرَت مؤخَّرًا أن الضحك يساعد على إفراز هرمونات بجسم الإنسان تُحدث شعورًا بالاسترخاء والراحة، وتعمل على تخفيض الهرمونات المصاحبة للتوتر. وقد أثبتت الدراسة أن معايشة الإنسان للمواقف السعيدة وتوقُّعها، تُزيد من إفراز هرمون الإندروفين، الذي يبعث على الشعور بالراحة والاسترخاء، كما أن له فائدة للقلب حيث يزيد من تدفق الدم.
ومن الناحية النفسية والاجتماعية، فإن المرح يعكس الشعور براحة البال، ويزيد من قدرة الإنسان على مسايرة الحياة من حوله، بينما العبوسة والكآبة والصرامة الزائدة تؤثر سلبيًّا على الفرد نفسه وعلى من حوله.
الهزار والمرح والأساليب العالمية
الشخصية المصرية بطابعها مرحة وساخرة، تستطيع أن تُخرِج من كل المواقف القفشات والدعابة الساخرة. لكن الخطورة الكبرى حينما يتحول المرح إلى هزار، والهزار إلى هزل؛ أي الضحك والتهريج الرخيص الذي يأخذ صورة من الصور الآتية:
1. هزار خارج عن اللائق: تهريج في أي وقت وبأي كلام، وهو الذي تحذّرنا منه كلمة الله: «ولا القباحة ولا كلام السفاهة والهزل التي لا تليق» (أفسس5: 4).
2. السخرية من الآخرين: جعل الآخرين مادة للنكات ولا سيما البسطاء منهم، فيصيبهم بالأذي النفسي الشديد متناسيين أنه «يوجد من يهذر مثل طعن السيف. أما لسان الحكماء فشفاء» (أمثال12: 18). وقيل عن أحدهم إنه يهذر بأقوال خبيثة (3يوحنا10).
3. القفشات غير “النظيفة”: تحويل الكلام إلى قفشات وتلميحات لها معانٍ شهوانية نجسة تثير ضحك الأشرار وتحوز على إعجاب البعض.
4. استخدام ألفاظ سوقية متدنية: وهي ألفاظ غريبة وعجيبة، عبارة عن كلمات عادية لها استخدامات غير عادية، وهدفها إثارة الضحك والسخرية. وفي الواقع هي ألفاظ متدنّية من قاع المجتمع، تستخدمها أحط الفئات، لكن لكونها غريبة ظنَّ الشباب البسطاء أنها بوابة الروشنة والجدعنة!! ونسينا تحذير المسيح: «إن كل كلمة بطّالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساب يوم الدين» (متى12: 36).
عواقب الهزار والكلمات الهزلية
1. لايتبرر أمام الله: أي لا يمكن أن الله يوافق على كلماته أو يرضى عنه كما يقول الكتاب: «أم رجل مِهذار يتبرر؟» (أيوب11: 2).
2. ليس للمِهذار نصيب في البركة: قال نحميا للأعداء الهازرين والهازئين به: «وأما أنتم فليس لكم نصيب ولا حق ولا ذكر في أورشليم» (نحميا2: 20).
3. ليس له احترام في أعين الآخرين: قيل عن لوط المتهاون إنه كان كمازحٍ في أعين الناس فلم يسمعوا منه.
4. القضاء الإلهي: خرج الصبية هازرين ومستهزئين بأليشع قائلين: «اصعد يا أقرع... فخرجت دُبَّتان من الوعر» وافترستهم (2ملوك2: 23، 24).
المرح مع والوقار والهيبة الإلهية
لا يمنع أن تكون مرحًا، لكن مرح وفرح في وقار واحترام؛ بمعنى:
1. «لاتخرج كلمة رديَّة من أفواهكم بل كل ما كان صالحًا للبُنيان حسب الحاجة» (أفسس4: 29).
2. قال بولس عن نفسه أنه يتكلم بكلمات «الصدق والصحو» (أعمال26: 25).
3. صلى داود للرب قائلاً: «لتكن أقوال فمي وفكر قلبي مَرضِيَّة أمامك يا رب» (مزمور19: 14).
4. الوقار الذي هو الاحترام في المظهر والكلام.
5. الكلام غير الملتوي: «ذوي وقار لا ذوي لسانين» (1تيموثاوس3: 8).
6. عدم الثرثرة بالكلام: قيل عن النساء التقيات: «ذوات وقار غير ثالبات صاحيات أمينات في كل شيء» (1تيموثاوس3: 11).
7. التعقل: كما قيل عن الشيوخ «ذوي وقار مُتَعَقِّلين» (تيطس2: 2).
أحبائي، يقول الكتاب المقدس: «لأن الرب إلهك يباركك... فلا تكون إلاَّ فَرِحًا» (تثنية16: 15). فالحياة مع المسيح هي فرح في الرب كل حين، حتى وإن كُنَّا نتألم عابرين في وادي البكاء لكننا نصيره ينبوعًا (مزمور84: 6). ففرح الرب هو قوتنا، بل الرب دائما يملأ «أفواهنا ضحكًا وألسنتنا ترنمًا» (مزمور126: 2).
لكن ليحفظنا الرب من التهريج والهزار الذي يُضيع الأفراح الإلهية من قلوبنا، ويسلبنا وقارنا واحترامنا أمام الآخرين كشعب المسيح.