نُشر على أحد المواقع الإخبارية على شبكة الانترنت خبر عن قضية من أغرب القضايا في التاريخ، وقعت أحداثها ليلة رأس السنة هذا العام، أحداثها تدعو للدهشة؛ لذا رأيت أن أشاركك قارئي الفاضل بهذه القصة المثيرة. وإليك تفاصيلها كما وردت في الموقع الإخباري:-
قتيل يلتقط صورة قاتله قبيل موته: أدَّت صورة التقطها سياسي فلبيني، قبل لحظات من إطلاق الرصاص عليه، إلى إلقاء القبض على القاتل. فقد التقط السياسي رينالدو داجسا صورة لعائلته خارج منزلهم في ليلة رأس السنة، وظهر في خلفية الصورة، دون أن يدري، رجل يشهر مسدسه لإطلاق النار. وقد قدَّمت عائلة الرجل الصورة إلى الشرطة التي ألقت القبض على الرجل للاشتباه في ارتكابه جريمة القتل، ويظهر في الصورة القاتل وهو يرتدي قبعة كرة البيسبول وهو يقف خلف ابنة السيد داجسا وزوجته وحماه في حين كانوا جميعًا يجهلون وجوده. وقد طُبعت نسخة من الصورة لتوزيعها على وسائل الإعلام بعد استبعاد أفراد الأسرة منها، خشية من تعرض أحدهم للانتقام.
هكذا انتهت تلك القصة الغريبة التي شغلت الرأي العام الفلبيني. ولي معك - قارئي العزيز - وقفة في دقائق قليلة أمام بعض أحداث هذه القصة والتي أرجو أن نخرج منها بشيء يفيدنا في حياتنا الروحية.
القاتل يشهر مسدسه
كان القاتل يشهر مسدسه مصوِّبًا فوهته نحو رأس ضحيته دون أن يدري القتيل، وبينما القتيل يحتفل ببداية عام جديد كان القاتل يجهِّز نفسه للنيل منه وقتله. وهكذا الشيطان يقف أمامنا في كل وقت مصوِّبًا نحونا سهامه الملتهبة (أفسس6: 16)، ليمنعنا التمتع بفرحة الغفران وسلام الخلاص الذي أعدّه الفادي والمخلِّص يسوع المسيح، ولا يدعنا نفكر في أمر خلاصنا حتى تنتهي الحياة النهاية المؤسفة التي يريدها لكل واحد؛ فهو «كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ» (1بطرس5: 8)، وكذلك قال عنه الرب يسوع نفسه «اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ»؛ فالشيطان لا يمل ولا يكل ولا يتعب من مطاردتنا ليلاً ونهارًا، حتى يطفئ سلامنا وفرحتنا. وهو لا يعرف إلا السرقة والذبح والقتل والإهلاك. أما المسيح فقد أتي لتكون لنا حياة وحياة أفضل (يوحنا10: 10).
الجريمة حدثت خارج المنزل
استطاع القاتل أن ينال من ضحيته بعد أن خرج إلى الشارع، حتى وإن كان قريبًا جدًا من بيته، لكنه كان في الخارج حيث الظلام وحيث لا أسوار أو حدود تحميه. وهكذا نحن أيضًا نجعل الفرصة سانحة أمام الشيطان لاصطيادنا حينما نخرج خارج دائرة الأمان والحماية التي لنا، والتي يتكلم عنها الكتاب المقدس كثيرًا. ولنأخذ كمثال القصة التي حكاها ربنا الغالي في لوقا 15، عن الابن الأصغر الذي قرَّر يومًا الخروج خارج حدود الأمان والراحة بين يدي أبيه الذي يحبه ويحميه، وسافر إلى كورة بعيدة، وهناك كان القاتل ينتظره خارج المنزل، حتى أن أبيه، حينما عاد الولد للبيت، قال عنه «ابْنِي هَذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ» (لوقا15: 24). وليس القصد هنا الموت الحرفي - أي انفصال الروح عن الجسد - لكن الموت الروحي - انفصال الإنسان عن الله روحيًا - والذي أشارت إليه كلمة الله كثيرًا، ونذكر على سبيل المثال ما جاء في أفسس2: 1 «كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا».
وهنا دعني أسألك هل أنت خارج البيت أم داخله؟ هل تشعر بالأمان من جهة الأبدية؟ وبلغة الكتاب في تكوين6 دعني أسألك: هل أنت داخل الفلك أم خارجه؟ لو كنت خارجه فلا تتوقع إلا الخوف والحزن والاضطراب، ثم النهاية الطبيعية الموت الأبدي في الجحيم إلى أبد الآبدين.
أما لو قرَّرت أن تدخل إلى الداخل من باب الإيمان بالمسيح (يوحنا10: 9)؛ فثق أن السعادة والسلام من نصيبك والأمان والراحة سيلازمانك إلى أبد الآبدين. لذا أدعوك الآن، وقبل أن تُكمل قراءة هذا المقال، أن تصلّي طالبًا من الرب أن يغفر لك خطاياك حتى تتمتع بسلامه العجيب ويزول من داخلك كل خوف واضطراب ويكون هو معتمدك وحصنك الحصين (أمثال3: 26).
بعد فوات الأوان
لقد قبُض على القاتل بالفعل، وكان الدليل القاطع هو تلك الصورة التي التقطها القتيل؛ ولكن ما الفائدة؟ وما الذي جناه القتيل من كشفه عن القاتل بعد أن أصبح ميتًا ولا أمل في عودته للحياة مرة أخرى؟ هذا الأمر يذكِّرني بقصة أخرى رواها المسيح أثناء وجوده على الأرض، والتي نطلق عليها قصة الغني ولعازر، فالمسيح يقول عن الغني الذي ذهب للجحيم ليقضي أبديته هناك، بعد أن تمتع بكل ملذات وشهوات الحياة الفانية ولم يهتم بأمر أبديته أو حياته الروحية، يقول الكتاب إن الغني طلب من أبينا إبراهيم أن يُرسل لعازر لإخوته الخمسة ليبلغهم بأمر الجحيم وبالنهاية التي تنتظر كل مستبيح وغارق في خطاياه (لوقا16: 27، 28). لقد حاول الغني أن يكشف القاتل والمخادع إبليس، لكن بعد فوات الأوان. لقد عرفنا من خلال قصة الغني الخدعة الكبرى والهوة العميقة التي يسقط فيها كل إنسان يختار بمحض إرادته الحياة بالانفصال عن الله. لكن ما الذي استفاده ذلك الغني من هذا الاكتشاف المتأخر؟ إنه الآن منذ أكثر من ألفي عام يتعذب بلهيب الندم ويتلظى بنيران الجحيم التي لا ترحم.
أخي الحبيب، لديك الآن فرصة ذهبية للهروب من النهاية المؤسفة والأبدية المخيفة التي تنتظرك في الجحيم الأبدي، إذا صليت من قلبك طالبًا الرحمة من «اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ» (أفسس2: 4). حتى يغفر لك خطاياك ويطهرك من كل إثم (1يوحنا1: 9)، ويزيل عن كاهلك ثقل الخطايا الذي أتعبك منذ سنوات، وتتمتع معه بالفرح السماوي الذي سيغمر قلبك فور صلاتك له. فصلِّ الآن.