أخيراً خبر سار

يسرني أن أكتب لقراء “نحو الهدف” الأعزاء عن خبر “حفل زفاف” أبهج مشاهدي الفضائيات، ولوّن الصحف والمجلات، بألوان مبهجة جميلة؛ فالعريس هو الأمير “وليام” يتزين بحُلّة قرمزية اللون بوصفه “كولونيل شرفي في الحرس الايرلندي”، وعروسه من عامة الشعب اسمها “كاثرين” لكنها مُنحت لقب “صاحبة السمو الملكي ودوقة كمبردچ” بمجرد ارتباطها بالأمير، وهي ترتدي ثوب جميل أبيض، وتتزين بخاتم من الياقوت الأزرق المرصَّع بالألماس.  خبر خير بين عشرات الأخبار الشريرة والمزعجة، خبر مبهج في خضم النكد اليومي.

  لكن لا تظن يا عزيزي أني سأحدِّثك عن زفاف الأمير، ولا حتى زفاف أبويه “تشارلز وديانا” المسمى بزفاف القرن الذي لم يَدُم، وانتهى بالانفصال؛ فليس هذا هو الخبر الذي يُسِرّ القلب ويبهج النفس.  إنما حديثي عن حفل زفاف آخر عظيم ومرتقب عندما يأتي المسيح عريسنا ليأخذ الكنيسة عروسه. 
فالله في المسيحية يحب البشر، ولذّاته مع بني آدم. 

وهو قريب وحبيب كالأب الذي يرعى الأطفال: «كَمَا يَتَرَأَّفُ الأَبُ عَلَى الْبَنِينَ يَتَرَأَّفُ الرَّبُّ عَلَى خَائِفِيهِ» (مزمور103: 13). 

بل ونجترئ ونقول أنه يُشبَّه بالأم: «عَلَى الأَيْدِي تُحْمَلُونَ وَعَلَى الرُّكْبَتَيْنِ تُدَلَّلُونَ.  كَإِنْسَانٍ تُعَزِّيهِ أُمُّهُ هَكَذَا أُعَزِّيكُمْ أنا» (إشعياء66: 12، 13). 

وإلهنا راعٍ: «كَرَاعٍ يَرْعَى قَطِيعَهُ.  بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ وَفِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ» (إشعياء40: 11). 

أما قمة التشبيهات فيقول النبي: «كَفَرَحِ الْعَرِيسِ بِالْعَرُوسِ يَفْرَحُ بِكِ إِلَهُكِ» (إشعياء62: 5). 

هذه التشبيهات لا تقلِّل مطلقًا من شأن الله، بل تعظمه في أعيننا، وتجعلنا نعبده لا خوفًا منه، بل حبًّا له، ويظلّ الله هو الله في عظمته وعدم محدوديته، فالله يحب أن يعبِّر عن عنايته ورعايته لنا بطريقة يمكننا أن نستوعبها.

ومن الأمور المبهجة والمسرة:

مقام العريس

العريس “وليام” أمير، وترتيبه الثاني في ولاية عرش بريطانيا.  أما المسيح عريسنا فهو ملك الملوك ورب الأرباب، وبِكْر كل خليقة، والوارث لكل شيء.  هو الأول والآخِر، الألف والياء، البداية والنهاية، هو الكل في الكل.

عمل العريس

يعمل الأمير “وليام”  في سلاح طائرات الهليكوبتر للبحث والإنقاذ في القوات الجوية الملكية البريطانية.  أما المسيح فهو المخلِّص الوحيد والمنقذ الوحيد من الغضب الآتي.  «وليس بأحد غيره الخلاص» (أعمال4: 12)، و«قد جاء لكي يطلب ويخلِّص ما قد هلك» (لوقا19: 10).

هدية العريس

قدَّم الأمير لعروسه حُلي باهظة الثمن.  أما المسيح فقدم ما هو أكرم وأعظم: «عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كريم كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ» (1بطرس1: 18، 19)، «أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا» (أفسس5: 25).

تكاليف العرس

ملايين الدولارات صُرفت تحمّلها العروسان معا.  أما عريسنا السماوي فقد أعد كل شيء، وتكلف كل شيء وهو لا يزال يدعو.

اسمع الدعوة أسرع للفرح

يوجد لك مكان

وتعالَ يا صديقي تسترح

 

يوجد أيضًا مكان

صاحب العرس تكلَّف

 

كل شيءٍ جِئ لتعرف

المحبةٌ أعدت ما لا يوصف

 

يوجد لك مكان

  بيت العريس

 أخذ الأمير عروسه إلى قصر بكنجهام بمدينة لندن.  أما المسيح عريسنا فسيأخذنا إلى بيت الآب، المكان الوحيد غير المخلوق “أزلي”، وغير قابل للزوال “أبدي”، أما كل قصور الدنيا فإلى زوال.

في بيت الآب في العلا

أُعِدَّ منزلي

هناك راحتي كما

 

خيرُ الجزاء لي

مع من أحب طاهرًا

 

ألمعُ في المجد

موسيقى العُرس

لقد صاحب عرس الأمير أجمل الفرق الموسيقية التي عزفت أجمل الألحان.  أما عرسنا المرتقب فأسمى وأرقى، «لأَنَّ الرَّبّ نََفْسَهُ، بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً.  ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ. لِذلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهذَا الْكَلاَمِ» (1تسالونيكي4: 16-18).

صديقي وصديقتي..

ربما لم تصلك دعوة، مثلي، لحضور حفل “وليام وكاتي”، لكن ها المسيح يقدِّم لك دعوة أعظم وأكرم؛ فهل تقبلها؟!!

 
لقد قُدِّمت الدعوة لرفقة وقالوا لها: «هل تذهبين مع هذا الرجل (أي العبد ليوصِّلها إلى بيت إسحق العريس)؟  فقالت “أذهب”».  وأنت أيضًا ليتك تقبل دعوته وتذهب معنا، إننا حتمًا راحلون..  ربما يكون هذا المقال هو آخر مقال؛ فمجيء الرب صار قريبًا على الأبواب.