طوبي لمن إله يعقوب معينه


من سلسلة: بأقلام القراء

يعقوب:

أنتَ يا من احتجتَ كثيرًا لعملِ الفخاري
بل وإنكَ ظللت تُخادِع وأنتَ لا تبالي
على أبيك أم على خالِك أم على العالي؟
فها أنا أرى فيكَ كلُ آمالي
أن يُشكِّل السيد، وبالألم لا أبالي
بل أن أخضعَ له ولحبَه السامي
فقد أحبكَ بالنعمةِ والقصد الإلهي
وأنا أيضـًا أحبني وأعطاني ابنهُ الغالي

وها أنتَ تَحصلُ على البركةِ بالخداع والتعالي
وما أنا أمشي في البريةِ إلا بأفكاري
وأرى فيكَ شخصًا يعتمدُ على ذكائِه الداهي
وأنا لا ألجأ للقدوس إلا في الفشلِ والوادي

أراك تحاولُ بقدرتِك أخذَ أجرتك
من خالِك الذي خدعك في زوجتِك
وعشرون سنة كانت له خدمتك
بدلاً من التفاني في خدمة سيدك
الذي وأنت في ذهابِك قال أحفظك
ومن كلِ خطرٍ وشرٍ أسترك
ومن خالك كان وراءك
ومن أخيك كان أمامك
ألا ترى معي: ما أعجب ذلك القدير!
الذي هو نفسهُ معي يسير
ويضعني على منكبيه في الطريق المرير
ويدافع عني في الوقتِ العسير
الذي في بيتِ إيل ظهر لك لا ليعاتبك
بل أراك نفسه ليشجِّعك
ويقول لك: لا تخف أنا معك
وأنت تتناساهُ في رحلتك
والأنَ أنا ما أكثر ما أشبهك
وأتناساه وأقولُ له لا أتركك

ولكن، بالبركة تحولت لوز إلى بيت إيل
ومخاضة يبوق إلى فنوئيل
وكذلك أنت من يعقوب إلى إسرائيل
وأبتدأت في النضوج ابنتي لابان بن بتوئيل

لكن، هل فقد سيدي فيك الأمل ورماك؟
بل ظل فيك الأملَ يجدي حتى لقاك
في فنوئيل وأنت تُبدي أجملَ وأروعَ قواك
والسيد يعمل فيك حتى منتهاك

وهو مازال يشكل فيَّ حتى الآن
حتى أكونُ أكثر نضوجًا ولمعان
وأظهرُ شخصه وحبه الملآن
بالعطف والجود والإحسان
وها أنا أراك وأنت في أرض جاسان
تختلفُ كثيرًا مما كنتُ عليه في حاران
تهتمُ بما للآخرين وترى بالإيمان
ما لم يراهْ ولم يعرفهْ الأبوان

فلقد وصلت أنت للمسات الأخيرة
ولم تعدْ تهتم بالمستقبل والخوف والحيرة
بل أراك وأنت
أمام فرعون تتذكر حياتك الطويلة
وأنت تحسبها كإنها لم تكن إلا قصيرة
وتنسى ما عشتهُ لنفسك بالخداع والحيلة

فكما صنع منك الفخاري إناءً لمجدِه
وأنتج شخصـًا يعيش حسبَ فكرِه
سيُغيرُ ويشكلُ فيَّ حتى أكونَ مثل ابنهِ
وأعكسُ للناس مثل المرآةِ شخصهِ

هبة مكرم نظير بقطر – سوهاج