مليارية الغضب الإلهي

شهد هذا العام (2011) أحداثًا جديدة على منطقة الشرق الأوسط، ومع تصاعد هذه الأحداث تردَّدت مصطلحات جديدة لم يكن يُسمع بها من قبل...

ومن هذه المصطلحات كلمة “مليونية”..  وما أن ظهرت هذه الكلمة على مسرح الأحداث حتى صارت هي الأكثر شيوعًا؛ فاحتلت صدارة الصفحات في كافة الجرائد كما تصدَّرت النشرات الإخبارية، ولا يكاد المرء يشاهد أو يطالع وسيلة إعلامية إلا وتتقابل عيناه وأذناه مع هذا المصطلح الجديد.

وتعددت التسميات وتنوعت، فهذه مليونية للغضب، وتلك للرحيل، وثالثة للقِصاص، ورابعة للتطهير، وخامسة للوحدة... وهكذا.

وفي هذه المليونيات تعدّدت الميادين، كما تعددت المنصات داخل كل ميدان؛ فانطلقت الحناجر بالهتافات المدوية، ورُفعت الشعارات الرنانة، وطفق الجميع في نشوة الحرية يتكلمون بما يَعِن لهم دونما قيود أو رُقَبَاء.

وربما تكون، عزيزي القارئ، قد شاركت في إحدى هذه المليونيات، وسواء شاركت أو لم تشارك فلا بُد أنك سمعت عن هذه الحشود الغفيرة من البشر وهم يتضامنون معًا للتعبير عن مطالب مشروعة أو حقوق مهضومة.  لكن دعنى أخبرك، عزيزي، عن تجمُّع بشري آخر تخبرنا عنه كلمة الله، هو أضخم بما لا يُقاس من أي تجمُّع بشري عرفته البشرية في مختلف عصورها؛ وهو ما يمكن أن نستمد تسميته من الأحداث المحيطة فنقول إنها “مليارية الغضب الإلهي”.  أو كما تخبرنا كلمة الله بأنه «يوم انتقام لإلهنا» (إشعياء61: 2).

هذه “المليارية” سيكون الفضاء اللا محدود هو ميدانها وساحتها، إذ ستكون السماء والأرض قد هربتا من وجه الجالس على العرش.

وسيكون “العرش العظيم الأبيض” هو المنصة الوحيدة، والجالس عليه هو مَن عيناه كلهيب نار.

ولن تُرفع شعارات أو تُرَدَّد هتافات، بل سيستد كل فم في ذلك اليوم المُرَوِّع ويصير الجميع تحت قصاص من الله.

ولا تستغرب، عزيزي، من وصف ذلك اليوم بـ“المليارية”؛ ففي ذلك اليوم سيجتمع كل الخطاة من كل العصور من قايين، الذي قتل أخاه هابيل، حتى آخر شخص رفض المسيح مُخَلِّصًا له ومات في خطاياه.  وأمام هذا العرش العظيم الأبيض سيقف الأشرار ليسطع بريق القداسة الإلهية، ليرى كل خاطئ ما ارتكبه من أفعال ربما كان يظن أنها عُمِلَت في الخفاء، ولم يكن يعلم أن كل شيء عُريان ومكشوف لعيني الله الذي يرى في الظلام كما يرى في النور.

وسيقف هذه الوقفة جميع الأشرار رجالاً ونساء، كبارًا وصغارًا، أغنياء وفقراء..  وسيتساوى الجميع في رعب النفس وخزي الوجوه..  وسيقف الجميع بآذان مُرهَفة في انتظار ما سيُقال..  وسيكون لكل خاطئ سِفر دُوِّنَت به خطاياه، وستنفتح الأسفار سفرًا سفرًا، ومنها تُقرأ الأفعال الشريرة لكل شخص.  وكم سيكون المشهد مُرَوِّعًا عندما يُسمَع صوت الجالس على العرش قائلاً: «اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المُعَدَّة لإبليس وملائكته» (متى25: 41)!

أحبائي، أعلم أن الحديث عن الانتقام أو القِصاص هو أمر مرعب ومزعج للنفس البشرية، حتى وإن كان واقعًا من إنسان تجاه إنسانًا آخر.  فكم يكون الحال عندما يكون الانتقام والقصاص واقعًا من الله؟!

يقول الكتاب المقدس:

«مُخيف هو الوقوع في يدي الله الحي» (عبرانيين10: 31)

ربما تقول في نفسك: “إن الله رحيم وغفور.”  وأنا أوافقك على هذا، لكنني أضيف أيضًا أنه عادل وطاهر وقدوس؛ وأنه بموجب عدله وقداسته لا يمكن أن يتغاضى أو يتسامح مع الشر إذا أصر الإنسان أن يعيش فيه ويستمر في ارتكابه.  إن الأفعال الأثيمة والأقوال الشريرة، بل والأفكار الخبيثة والكلام البَطَّال؛ كل هذا سوف يعطي الإنسان الخاطئ عنه حسابًا في هذا اليوم العصيب.

وفي هذا اليوم، لن يكون هناك مجال للمحاباة؛ فلن يُكرَم شخص لأنه كان من أصحاب المراكز المرموقة في الحياة الدنيا، ولن يُحابَى شخص لأنه كان فقيرًا معوزًا.  إنها لحظة العدالة الإلهية التي ستُجري أحكامها على كل شخص فَضَّل أن يعيش في البُعد عن الله، وضَحَّى بحياته الأبدية في مقابل التمتع بمَلَذَّات ومباهج وقتية زائلة!

يقول الكتاب المقدس:

«ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تخر لنفسك غضبًا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة، الذي سيجازي كل واحد حسب عمله» (رومية2: 5، 6).

أخي الحبيب، شكرًا للرب أن يوم النعمة لا يزال ممتدًا، وسنة الرب المقبولة لم تنتهِ بعد، وصوت الرب لا يزال يدوي في جميع الأرجاء:
«التفتوا إليَّ واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض» (إشعياء45: 22).

لقد كادت السنة المقبولة أن تنقضي وإذا انقضت فلا رجوع لها!  وسيكون عليك انتظار يوم الانتقام، وإذا صدر الحُكم الإلهي فليس هناك مجال للاستئناف أو النقض كما يحدث في محاكمنا البشرية.

إنني أرجوك ألا تُسيء فهم لطف الله وإمهاله لك وطول أَنَاته عليك!  إن الرب يسوع مستعد أن يكون مُحاميًا عنك، إذ قد دفع بدمه ثمن خطاياك على الصليب.  ولكن حَذَارِ، فهذا المُحامي هو عينه من سيكون قاضيًا ودَيَّانًا عادلاً عليك إن استهنتَ به وبمحبته لك.

قارئي العزيز، بإمكانك الآن أن تهرب من هذه المليارية المُرَوِّعة إلى مليارية أخرى مُبهجة مع القديسين والمؤمنين الحقيقيين الذين قبلوا المسيح مُخَلِّصًا شخصيًّا لهم، الذين سيظهرون أمام كرسي المسيح لينالوا الجزاء عن الخير فقط حيث لا مجال لدينونة هناك أو عقاب.

«إذًا لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع» (رومية8: 1)

إننى أدعوك أن تُقبِل إلى الرب يسوع الآن!

الآن لأنه مكتوب: «هوذا الآن وقت مقبول. هوذا اليوم يوم خلاص» (2كورنثوس6: 2)

يا مُهمِل الخلاص

لَبِّ الحَمَـل

ويلك من قصاص

 

لا  يُحتمـل

فموعد الحسـابِ

دانٍ قريـب

فاهرب من العقابِ

إلى الحبيب