علاج المشكلات بين الحموات والكنات

“لي لي” فتاة صينية، تزوَّجت بمن تُحِب، وذهبت إلى بيت حماتها لتعيش مع زوجها في بيت أسرته.  ولم يمضِ سوى وقت قليل حتى وجدت “لي لي” نفسها غير قادرة على المعيشة مع حماتها، لاختلافهما في الطباع والعادات؛ فكانت “لي لي” تغضب من عادات حماتها ونقدها المستمر لها.  ومرَّت الأيام و“لي لي” وحماتها لا تكفَّان عن العِراك والجدال.  ولكن، ما جعل الأمر أكثر سوءًا، هو أنه بحسب التقاليد الصينية يجب على الكَنَّة (زوجة الابن) أن تخضع لحماتها وتطيعها في كل شيء.  وقد تسبَّب كل هذا لزوجها بالحزن والألم.

وأخيرًا، وجدت “لي لي” أنها لا يمكنها أن تقف هكذا في مواجهة سوء أخلاق حماتها وتَحَكُّمها، فقررت أن تتخلص من حماتها بأية طريقة، فذهبت إلى السيِّد “هويانج” تاجر الأعشاب الطبية، وأخبرته بمشكلتها، وسألته إن كان يمكنه أن يعطيها بعض الأعشاب السامة حتى تحل مشكلتها مع حماتها مرة واحدة وإلى الأبد.  وفكَّر “هويانج” مَلِيًّا، ثم قال: “انظري، يا “لي لي”، سوف أساعدك على حل مشكلتك.”  فدخل إلى الغرفة الداخلية لدكانه، ورجع بعد عدة دقائق حاملاً حُزمة من الأعشاب.  وقال لـ“لي لي”: “انظري، أنتِ لا تستطيعين استخدام سمٍّ سريع المفعول لتتخلَّصي من حماتكِ، لأن ذلك سوف يثير الشك في نفوس أهل القرية.  لذلك فقد أعطيتكِ بعض الأعشاب التي تبني السموم في جسمها.  وعليكِ يومًا دون يومٍ أن تُعدِّي لحماتك أكلة لذيذة الطعم وتضعي فيها قليلاً من هذه الأعشاب، ولا بُد أن تكوني واعية جدًّا، وأن تتصرفي معها بطريقة ودّية جدًّا.  فلا تتجادلي معها وأطيعيها في كل رغباتها، بل وعامليها كأنها سيدة البيت!”

سُرَّت “لي لي” جدًّا، وشكرت السيد “هويانج”، وأسرعت إلى البيت لتبدأ خطة قتل حماتها!  ومَرَّت الأيام و“لي لي” تُعِدُّ الطعام الخاص الممتاز كل يومين لحماتها، وتعاملها كأنها أُمها.

وبعد مرور ستة أشهر، تغيَّر كل شيء في البيت.  فقد بدأت “لي لي” تمارس ضبطها لغضبها من حماتها، حتى إنها وجدت أنها لم تَعُد تتصرَّف معها بحماقة أو بغضب، ولا تدخل في مجادلات معها، لأن حماتها بدأت تعاملها بحنوٍّ كبير.


وهكذا تغيَّر اتجاه الحماة تجاه “لي لي”، وبدأت تحبها كأنها ابنتها!  بل صارت تحكي لصديقاتها وأقاربها أنه لا توجد كَنَّة أفضل من “لي لي”.  وبدأت “لي لي” وحماتها يتعاملان معًا كأُم مع ابنة!  أما زوج “لي لي” فصار سعيدًا جدًّا وهو يرى ما يحدث.

فتوجهت “لي لي” وهي منزعجة إلى السيد “هويانج” وقالت له: “سيدي، أرجوك أن تساعدني لتُبطِل مفعول السمَّ الذي أعطيتني حتى لا يقتل حماتي!  فقد تغيَّرتْ إلى سيدة طيبة، وصرتُ أحبها كأُمي.  أنا لا أُريدها أن تموت بالسمِّ الذي وضعته لها في الطعام.”

وابتسم “هويانج” وقال لها: “يا “لي لي” ليس هناك ما يثير انزعاجك!  فأنا لم أعطِكِ سُمًّا، فالأعشاب التي أعطيتها لكِ كانت فيتامينات لتقوية صحتها.  السمُّ الوحيد كان في ذهنكِ وفي مشاعرك.  ولكن كل هذا قد زال بمحبتكِ لها.”

القارئ العزيز والقارئة العزيزة، المحبة هي علاج فَعَّال لكل خلاف وشقاق في بيوتنا وكنائسنا لأن:

(1) المحبة طريق

المحبة هي طريق المفديين.  افتخرت الكنيسة في كورنثوس بالمواهب، ففَتُرت المحبة، لذلك نصحهم الرسول بالقول: «لَكِنْ جِدُّوا لِلْمَوَاهِبِ الْحُسْنَى.  وَأَيْضًا أُرِيكُمْ طَرِيقًا أَفْضَلَ» (1كورنثوس12: 31)، ثم تحدث باستفاضة عن المحبة في أصحاح المحبة (1كونثوس13).

(2) المحبة علامة

إنها علامة المولودين من الله.  كيف نعلم أننا انتقلنا من الموت إلى الحياة؟  يقول الكتاب: «نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ.  مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ.  كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ» (1يوحنا3: 14‑15).

(3) المحبة لِبَاس

إنه لِبَاس مُختاري الله القديسين والمحبوبين: «فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أحَدٍ شَكْوَى.  كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هَكَذَا أنْتُمْ أيْضًا.  وَعَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ» (كولوسي3: 12‑14).

(4) المحبة تلمذة

إنها شرط هام من شروط التلمذة الحقيقية كما قال المسيح: «بِهَذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ» (يوحنا13: 35).

(5) المحبة عَلَم

إن العَلَم الذي يرفرف فوق المؤمن المسيحي هو عَلَم المحبة، ومن خلال تمتعنا بمحبة الرب تفيض المحبة من قلوبنا إلى الآخرين: «أَدْخَلَنِي إِلَى بَيْتِ الْخَمْرِ (حيث الفرح المُقَدَّس)، وَعَلَمُهُ فَوْقِي مَحَبَّةٌ» (نشيد الأنشاد2: 4).

(6) المحبة عمل

يقول الرسول يوحنا: «يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ!» (1يوحنا3: 18).  فالمحبة أفعال وليست أقوال، ففي 1كورنثوس13: 4‑8 يوجد 16 فعل للمحبة، فهي: «تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ.  لاَ تَحْسِدُ.  لاَ تَتَفَاخَرُ وَلاَ تَنْتَفِخُ وَلاَ تُقَبِّحُ وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا وَلاَ تَحْتَدُّ وَلاَ تَظُنُّ السُّوءَ وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ.  وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.  اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا».  لذلك يجب أن تكون المحبة فاعلة وعاملة في حياتنا.

(7) المحبة تستر

«وَلَكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِيدَةً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا» (1بطرس4: 8).  ويصور الكتاب المقدس في تكوين9 تصويرًا بديعًا عن هذا المبدإ.  كان نوح قد سكر وتَعَرَّى، فأبصره حام وأخبر أخويه، لكن في محبة كاملة وتقدير عظيم، «أخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء فلم يُبصِرا عورة أبيهما».  فيجب علينا أن لا نستصعب ستر خطايا الآخرين، فالرب يسوع المسيح مات لأجل خطايانا وأُقيم لأجل تبريرنا.

قراءنا الأعزاء، قد لا يعرف العالم من حولنا عقيدتنا وإيماننا، وقد لا يدرك أيضًا انتظارنا ورجاءنا، لكنه حتمًا سيتأثر بتضحيتنا ومحبتنا!!