بعد أن خلق الله السماوات والأرض، غرس الرب الإله جنة في عدن شرقًا، وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل. وأوجد شجرتين متميزتين في الجنة هما: “شجرة الحياة” في وسط الجنة، و“شجرة معرفة الخير والشر” (تكوين2: 8، 9). وأوصى الرب الإله آدم أن يأكل من جميع شجر الجنة ما عدا شجرة معرفة الخير والشر؛ أي أنه كان مسموحًا له في البداية أن يأكل من شجرة الحياة. ولكنه بالأسف أكل من شجرة معرفة الخير والشر، فطُرِد من الجنة وأقام الرب الإله الكروبيم ولهيب سيف متقلِّب لحراسة طريق شجرة الحياة. وشجرة الحياة مذكورة في بداية الكتاب المقدس وآخره (تكوين2: 9؛ 3: 22-24؛ رؤيا2: 7؛ 22: 2، 14)، وهي تشير إلى الرب يسوع المسيح.
ولقد شُبِّه الرب يسوع بشجرة؛ فلقد قالت عنه عروس النشيد: «كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين. تحت ظِلِّه اشتهيتُ أن أجلس وثمرته حلوة لحلقي»، وهو الذي قال عن نفسه: «أنا الكرمة الحقيقية» (نشيد2: 3؛ يوحنا15: 1؛ انظر أيضًا إشعياء53: 2؛ لوقا23: 31). وهو الذي انطبق عليه كلمات المزمور الأول أنه الرجل الذي في «ناموس الرب مَسَرَّته وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلاً؛ فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تُعطي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل وكل ما يصنعه ينجح».
1- شجرة الحياة تعطي الحياة (تكوين3: 22)
وهي تشير إلى الرب يسوع المسيح مُعطي الحياة الأبدية (يوحنا17: 2)، فهو الذي «فيه كانت الحياة» (يوحنا1: 4)، وهو «الحياة الأبدية» (1يوحنا5: 20)، وهو الذي قال «أتيتُ لتكون لهم حياة وليكن لهم أفضل» (يوحنا10:10). لذلك كل مَن يأتي إلى الرب يسوع بالإيمان يأخذ الحياة الأبدية. وقال الروح القدس: «الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله» (يوحنا3: 36)، وأيضًا: «مَن له الابن فله الحياة ومَن ليس له ابن الله فليست له الحياة» (1يوحنا5: 12).
2- الشجرة شهية للنظر (تكوين2: 9)
فمنظرها جميل ورائع، وجيد للإنسان أن ينظر إليها ويتطلع فيها. صورة للرب يسوع الأبرع جمالاً من بني البشر (مزمور45: 2). قيل عنه: «أبيض وأحمر مُعلَم بين ربوة... طلعته كلبنان، فتى كالأرز. حلقه حلاوة وكله مشتهيات» (نشيد5: 10، 16). ليُعطِنا الرب أن ننظر إليه باستمرار ونتأمل في صفاته الرائعة بل نثبت النظر عليه (عبرانيين12: 2، اقرأ أيضًا مزمور16: 8؛ 2كورنثوس4: 18). ولكن هذا الرائع والجميل صار منظره على الصليب لأجلنا «لا صورة له ولا جمال فننظر إليه ولا منظر فنشتهيه» (إشعياء52: 14؛ 53: 2)!
3- الشجرة جيدة للأكل (تكوين2: 9)
وهي صورة للرب يسوع طعام المؤمنين الدائم. وكل خاطئ يأكله؛ أي يؤمن به، ينال الحياة الأبدية. فلقد قال الرب: «أنا هو خبز الحياة. مَن يُقبِل إليَّ فلا يجوع... أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد مِن هذا الخبز يحيا إلى الأبد» (يوحنا6: 35، 51). وصار المسيح هو شِبَع المؤمنين به، فقال داود: «أشبع إذا استيقظتُ بِشَبَهِك» (مزمور17: 15).
4- مكانها في وسط الجنة (تكوين2: 9)
صورة للرب يسوع الذي دائمًا مكانه في الوسط. فعندما كان صبيًّا له اثنتا عشرة سنة نجده في الهيكل «جالسًا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم» (لوقا2: 46، 47). وعندما كان يجول يصنع خيرًا كانت الجموع تحيط به من كل جانب فكان مكانه في الوسط. وعندما عُلِّق على الصليب كان في وسط المذنِبَيْن (لوقا23: 33). وفي السماء الآن هو «في وسط الشيوخ خروف قائم كأنه مذبوح» (رؤيا5: 6). ويحضر بنفسه - تَبَارَك اسمه - في وسط اجتماعات المؤمنين حسب وعده (متى18: 20).
5- شجرة مثمرة
كانت حياة الرب على الأرض مثمرة على الدوام، فالشجرة تُثمر لكي تُقدَّم لغيرها ليأكل ويشبع ويحيا، وهكذا كانت حياة الرب يسوع هي حياة العطاء المستمر. وهو صاحب القول المبارك: «مغبوط هو العطاء أكثر مِن الأخذ» (أعمال20: 35). كان دائمًا يقدِّم الحب والحنان والشفاء والحرية للآخرين، فجال يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس. لقد مَجَّد الآب في كل شيء؛ أقواله، أعماله، صفاته، معجزاته (يوحنا17: 4)، وهو الآن في السماء لأجل قديسيه، ويُعطي حياة أبدية (يوحنا17: 2).
وعندما نصل كمؤمنين إلى بيت الآب سيكون هو شبعنا وتمتعنا الدائم ومصدر إنعاشنا (رؤيا2: 7). ويذكر الروح القدس في رؤيا22: 2 أن في وسط المدينة شجرة حياة تصنع اثنتي عشرة ثمرة وتُعطي كل شهر ثمرها، وهي لغة استعارية تعبِّر عن أن الشجرة مثمرة على الدوام وكافية لكل الذين في المدينة السماوية. وهي في وسط المدينة لتكون مُتاحة للكل (انظر أيضًا رؤيا22: 14).
6- الشجرة عليها حراسة (تكوين2: 22-24)
إنها فعلاً رحمة من الله أن لا يأكل الإنسان من شجرة الحياة بعد دخول الخطية، وإلا لكان سيعيش على الأرض في هذا الجسد المادي المائت في شقاء وتعاسة وحزن وألم ومرض وضعف إلى الأبد، ولصار العالم جحيمًا لا يُطاق.
والحراسة على شجرة الحياة صورة أن الطريق إلى الأقداس الأرضية في خيمة الاجتماع كان مُغلقًا ولم يكن مسموحًا لأي شخص بالدخول سواء من الشعب أو الكهنة. لكن بموت المسيح على الصليب انشقّ الحجاب الذي كان يفصل بين القدس وقدس الأقداس وصار الطريق للاقتراب إلى الله مفتوحًا.
7- الشجرة الآن متاحة للأكل
كانت هناك حراسة على شجرة الحياة مِن كروبيم ولهيب سيف متقلِّب، فكل مَن يحاول أن يقترب إلى شجرة الحياة يُقتَل، لكن عندما جاء المسيح إلى الأرض متجسدًا ذهب إلى الصليب وحده: «في طريق العدل أتمشى، في وسط سُبُل الحق فأُوَرِّث مُحِبِّيَّ رزقًا وأملأ خزائنهم» (أمثال8: 20، 21)، واجتاز فيه سيف عدل الله (زكريا13: 7)، وأيضًا نيران الدينونة الرهيبة التي سَرَت في عظامه (مراثي إرميا1: 13) في ساعات الظلمة. وبموته النيابي فتح الطريق إلى شجرة الحياة، وصارت مُتاحة للجميع، فكل مَن يأتي إلى الرب يسوع بالإيمان يمتلك الحياة الأبدية. لكن مَن يرفض قبول المسيح كرَبِّ ومُخَلِّص يهلك.
أخي، أختي، هل أكلتَ من شجرة الحياة؟ الرب يسوع يدعوك قائلاً: «مَن يُقبل إليَّ فلا يجوع ومَن يؤمن بي فلا يعطش أبدًا». تعالَ إلى المسيح بالتوبة والإيمان وامتلك الحياة الأبدية!