بالرغم من كونها مجرد 4 كلمات، لكنني أعتقد أن هذا اللقب: “فخامة الرئيس” قد يكون حلمًا وهدفًا كبيرًا جدًا لبعض الأشخاص، ولو باعتباره حلمًا من أحلام اليقظة. لكن هل تعلم أن هذا الحلم الكبير تحوَّل إلى هدف، ومنه تحوَّل إلى حقيقة؟
فلم يكن يعلم، أو حتى يخطر ببال، ذلك الطفل الصغير، أسود البشرة، الذي لم يتعدَّ عشرة أعوام، والذي يعيش مع أب غير أبيه الحقيقي، ويسكن في بلاد غريبة عنه فى العادات والثقافة واللغة والمناخ، أن هذا الحلم قد يتحوّل إلى حقيقة. فأثناء حصة اللغة الإنجليزية للأطفال الأجانب، فى مدرسة بإندونيسيا، أعطت المدرِّسة ورقة صغيرة وقلم لكل طفل، لكي يكتب ويُعبّر عما يحلم به، وماذا يريد أن يكون فى المستقبل. سارع الأولاد فى كتابة أحلامهم وأهدافهم. فمنهم من كتب عن حلمه أن يكون طيارًا، أو كاتبًا، أو صحفيًا، أو طبيبًا، أو لاعب كرة قدم. وغالبًا تبخر الكثير من هذه الأحلام مع مرور الأيام والسنين، لأن الهدف، بالرغم من سموه، لم يكن نصب أعينهم وواضحًا.
ووقعت فى يدي المدرسة الورقة الصغير التي كتبها ذلك الطفل الأسود النحيف “باراك حسين أوباما”، والتي فرَّغ فيها كل أهدافه وأحلامه وأولويات حياته كاتبًا: “أريد أن أكون رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية”.
ولا شك أن المدرّسة نظرت إليه برفق وإشفاق. فكيف له أن يصير رئيس أعظم دولة فى العالم، وهو أسود البشرة، ومن خلفية غير مسيحية، ولا يعيش فى أمريكا من الأساس! ولربما تكون قد ألقت بتلك الورقة الصغيرة جانبًا ولم تهتم بها. لكن هذا الهدف والحلم لم يضع ولو لحظة واحدة من أمام عيني وخيال “باراك أوباما”.
وتخيل معي كيف مرَّت الأيام والشهور والسنين حتى وجدت تلك المدرِّسة، على شاشات التلفزيون فى جميع بقاع العالم، ذلك الطفل الصغير الحالم، وإذ بحلمه يتحوّل إلى حقيقة، ويصير فخامة الرئيس: “باراك حسين أوباما”؛ أول رئيس أمريكي أسود، من أصل إفريقي، ومن أصول غير مسيحية.
صديقي، صديقتي: هل أدركت روعة أن يكون للحياة هدف؟ لذا دعني اسألك ما هو هدفك في الحياة؟ لماذا تعيش هنا على الأرض؟ وما هو الغرض الأسمى والخطة العظمى التي سمح بها الله لحياتك من خلال وجودك هنا على الأض؟ هل أنت شخص مؤثِّر فى الناس والنفوس من حولك؟
حتمًا إن كان لك هدفٌ سامٍٍ وواضح للحياة؛ فبالتأكيد سوف تتغير أولويات حياتك. قد تواجه صعوبات وتحدّيات كثيرة، ولكن بسبب وجود هذا الهدف سوف تستطيع، مستندًا على نعمة الله، أن تعبرها بنجاح حتى تحقِّق هدفك.
لقد كان للرسول بولس غرض واحد أعظم فى الحياة، لدرجة أنه جعل منه معنى حياته إذ قال: «لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ»، وعبّر عن هذا الهدف في الآية الرائعة: «أَفْعَلُ شَيْئاً وَاحِدًا: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ، أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (فيلبي1: 21؛ 3: 13، 14). ولأنه جعل من شخص المسيح معنى وغرض وهدف أهدافه، سمح له الله أن يكون «رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ» فى كل مكان ذهب إليه وبشَّر فيه، حتى في ظلام أصعب السجون (2كورنثوس2: 15). فهو لم يكن ينشغل بأي شيء سوى شخص المسيح. ولأنه جعل المسيح هدف حياته، قصد له الله أن يصير بولس الرسول، إناء الوحي الذي كتب نصف أسفار العهد الجديد، بعد أن كان شاول الطرسوسي المجدف المضطهد والمفترى الذي كان ينفث تهدداً وقتلاً.
صديقي:
لا تدع عمرك يضيع هباءً، بل ضع أمام عينيك هدفًا واضحًا وساميًا تسعى لأجله، فترنم من أعماق قلبك مع المرنم:
خليني أعيش عمري اللى باقي
ع الأرض ليك
يكفى اللي ضاع من بين إيديَّ
وأنا اسمي ليك