مرآة أعمال


من سلسلة: عن الإنترنت

خرج أحد الحكماء مع ابنه خارج المدينة ليعرِّفه على تضاريس المنطقة.  سَلَك الاثنان واديًا عميقًا تحيط به جبال شاهقة.  أثناء سيرهما، تعثَّر الطفل وسقط على ركبته، فصرخ بصوتِ مرتفع تعبيرًا عن ألمه: “آآآآه”.  فإذا به يسمع من أقصى الوادي من يشاطره الألم بصوت مماثل: “آآآآه”.

نسي الطفل الألم وسارع في دهشةٍ سائلاً مصدر الصوت: “ومن أنت؟!”  فإذا الجواب يرد عليه سؤاله: “ومن أنت؟!”  انزعج الطفل من هذا التحدي فردَّ عليه مؤكدًا: “بل أنا أسألك من أنت”.  ومرة أخرى لا يكون الرد إلا بنفس الجفاء والحدة: “بل أنا أسألك من أنت؟”

فقد الطفل صوابه، فصاح غاضبًا: “أنت جبان”.  فكان الجزاء من جنس العمل، وبنفس القوة جاء الرد: “أنت جبان”

قبل أن يتمادى في تقاذف الشتائم، تملك الابن أعصابه وترك المجال لأبيه لإدارة الموقف.  تعامل الأب كعادته بحكمة مع الحدث، وطلب من ولده أن ينتبه للجواب هذه المرة، وصاح في الوادي: “إني أحترمك”؛ فكان الجواب بنفس نغمة الوقار “إني أحترمك”.

تعجَّب الطفل من تغيُّر لهجة المجيب.  وأكمل الأب بصوت عالٍ: “كم أنت رائع”، فكان الرد بنفس العبارة الراقية: “كم أنت رائع”.

ذُهل الطفل مما سمع، ولم يفهم سر التحوّل في الجواب، فصمت بعمق منتظرًا تفسيرًا من أبيه.

علَّق الحكيم على الواقعة بهذه الحكمة:

يا بني، نحن نسمّي هذه الظاهرة الطبيعية في عالم الفيزياء “صدى الصوت”.  لكنها في الواقع هي الحياة بعينها..

الحياة مرآة أعمالك، وصدى أقوالك..

إذا أردت أن يحبك أحدٌ؛ فأحب غيرك..

وإذا أردت أن يوقِّرك أحد؛ فوقِّر غيرك..

إذا أردت أن يرحمك أحد؛ فارحم غيرك..

إذا أردت الناس أن يساعدوك؛ فساعد غيرك..

وإذا أردت الناس أن يستمعوا إليك ليفهموك؛ فاستمع إليهم لتفهمهم أولاً..

لا تتوقع من الناس أن يصبروا عليك إلا إذا صبرت عليهم ابتداءً..

«وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ هكَذَا» (لوقا6: 31)

من الإنترنت